أحيانا كثيرة عندما نستنكر عدم فهم أحدهم لفكرة ما نردد «أكيد أنت لا تفهم العربي»، حيث ارتبط الإدراك وسعة الفهم بلغتنا، كل شيء بالعربي مفهوم وما عداه مجرد رموز لا معنى لها، هكذا أيقظتني تغريدة صباحية، حلقت أصداؤها عاليا، وأثارت صخبا واسعا «مواطنون ومقيمون يطلبون استثناء أبنائهم من دراسة مادة اللغة العربية لأن العديد من الدراسات الجامعية لا تتطلب اللغة العربية». دروس بالعربي تأخذنا إلى شواطئ أخرى، ترسم لنا ملامح وتسمع أصواتنا، نحن بتكويناتنا المختلفة لن نحيا بحناجر لا تخاطب الروح، فالشجر لا يزهر ولا يثمر بلا جذور. مازالت حياتنا تنبض بالعربي مازالت لوحات الشوارع ترشدنا بالعربي، ومازالوا أساتذة العربي يغردون. بالعربي انطلقت مبادرات كثيرة، بالعربي ارتفعت شعاراتنا، وبالعربي تغنينا. سواء صدق الخبر أو لم يصدق إلا أنه لا يمثل الكل ولا يمكن أن يجمع عليه أحد، هو يمثل شريحة قليلة حتما لا تعرف من تكون وإلى أين ستتجه. اللغة إرث قابل للتطور، ورافض لكل ما هو متحور، هي ثقافة وهوية نحملها ونفتخر بها، ربما عانت من إهمال خبرائها لكنها دائما موجودة ارتبطت بحياتنا وعبرت عنا، وأبحرت بنا إلى شواطئ مختلفة، وفتحت لنا آفاقا واسعة. هناك الكثير من الناس من يربط بين تفوق العلمي والتميز بإتقان الأفراد للغات أخرى، نعم اللغة عادة ما تفتح لك الباب لتقرب من ثقافات مختلفة ولكنها ليست أساسا للتميز والتفرد. الفرد وحده القادر على خلق إبداعه، كثيرون هم العلماء والأدباء الذين لا يجيدون إلا لغاتهم المحلية إلا أنهم يصلون إلينا فلا لغة للإبداع ولا لغة للتميز، النجوم في السماء لامعة، لأنها نجوم وهكذا هو الطالب المميز، لا نستطيع أن نتحاور مع أنفسنا بلغة الغير، ولا نستطيع عن نعبر إلا بالعربي. مهمة هي اللغات الأخرى، وتعلمها في الجامعة يأتي بوعي لأهميتها، لأن هناك العديد من المصطلحات والتخصصات والعلوم لم تعرب ولم تجاريها اللغة العربية، ولم يجتهد أحد في تطويرها، وهذا حتماً لا يعني أن نقف. ودراسة اللغة العربية في المراحل المدرسية أهم من أي مرحلة أخرى، لأن البذور لا تزرع في السماء ولكن بالأرض، لذا لا أرى قصورا في جامعتنا ولكن في استيعابنا «للعربي»، ولأهميته بالنسبة لنا. العربي مرغوب لكل من يرغب في الارتقاء والوجود، العربي ليست مجرد حروف أبجدية نرددها، ولا أبيات شعر نحفظها، ولا خطوط فنية، هو كيان ينبض بما ننبض، يحدثنا ونحدثه، ونتحدث به وإليه. ameena.awadh@admedia.ae