طالما حدثنا الآباء والأجداد عن قيمة الأدب وهم يحضوننا ويشجعوننا على التعلم والتزود بالأدب زاداً لا ينفد، وقد حرموا أنفسهم في سبيل تعليم أبنائهم، وأحسوا بقيمة العلم والأدب، فتحملوا شظف العيش في سبيل أن يزيدوا رصيدنا من العلم، أكثر من رصيد المال، وعرفوا بفطرتهم قيمة الأدب، وإن لم يقدر لهم أن يتعلموا في تلك الأيام الماضية، فإنهم كانوا من الحكمة بما يجعلهم حكماء نتيجة تجارب الحياة، وفي كل بيت من بيوتنا شاهد على هؤلاء الحكماء. أوصى بعض الحكماء أبناءه، فقال: الأدب أكرم الجواهر طبيعةً، وأنْفسها قيمة، يرفع الأحساب الوضيعة، ويفيد الرَّغائب الجليلة، ويُعز بلا عشيرة، ويُكثر الأنصار بغَيْر رزيَّة، فالبسوه حُلّة، وتزينوه حِلْية، يُؤْنسكم في الوَحشة، ويجمع لكم القُلوب المختلفة. وقال شبيب بن شيبة: اطلبوا الأدب فإنه مادة للعقل؛ ودليل على المروءة، وصاحب في الغُربة، ومُؤنس في الوحشة، وحِلْية في المجلس. وقال عبد الملك بن مروان لبنيه: عليكم بطلب الأدب فإنكم إن احتجتم إليه كان لكم مالاً، وإن استغنيتم عنه كان لكم جمالاً. وقال بعضُ الحكماء: أعلم أن جاهاً بالمال إنما يَصْحبك ما صَحِبَكَ المال، وجاهاً بالأدب غيرُ زائل عنك. وقال ابن المقفع: إذا أكرمك الناسُ لمال أو لسُلطان فلا يُعْجِبك ذلك، فإنّ الكرامة تزول بزوالهما، ولكن ليُعْجبك إذا أكرموك لدِين أو أدب. ويروى عن علّي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: مَن حَلم ساد، ومن ساد استفاد، ومن استَحيا حُرم، ومن هاب خاب، ومَن طلب الرّئاسة صَبر على السياسة؛ ومن أبصر عَيْب نفسه عَمِيَ عن عَيب غيره، ومَن سلَّ سيف البَغْي قُتل به، ومن احتقر لأخيه بئراً وقع فيها، ومن نَسي زَلَّته استعظم زلّة غيره، ومن هتك حجاب غيره انتهكت عورات بيته، ومن كابر في الأمور عَطِب، ومن اقتحم اللُّجج غَرِق، ومن أعجب برأيه ضَلَّ، ومن استغنى بعَقله زلَ، ومن تَجَبَّر على الناس ذَلَّ، ومن تَعمَّق في العَمَل مَلَّ؛ ومَن صاحَب الأنذال حُقِّر، ومن جالس العلماء وُقَر؛ ومن دخل مداخل السوء اتُّهم؛ ومَن حَسَنُ خُلقه، سَهُلَت له طُرُقه؛ ومن حَسَّنَ كلامَه، كانت الْهَيْبة أمامَه، ومَن خَشي الله فاز؛ ومَن استقاد الجَهْل، تَرك طَرِيق العَدْل؛ ومَن عرف أجَله، قَصّر أمله؛ ثم أنشأ يقول: البَـــسْ أخــــاكَ على عُيوبه واســْــتُر وغَـطِّ على ذُنـوبه واصــــبرْ على بَهْتِ السَّفِيهِ وللزَّمــــان عـلى خُطــــوبه ودَع الجـــــوابَ تفضـــــل وكِــل الظـــلومَ إلى حَسِيبه Esmaiel.Hasan@admedia.ae