الإسْراف لغة: مُجاوزةُ القَصْدِ، وأَسرفَ في ماله: عَجِلَ من غير قصد، والإسْرافُ في النفقة: التبذير. تصرف يبدو بسيطاً، ولكنه يحمل في طياته دلالات كبيرة، يحرص هذا الموظف «الجندي المجهول» على إطفاء المصابيح يومياً في كل المكاتب بعد أن يغادر جميع الموظفين، ويتفقد السخان في المطبخ خشية تركه موقداً! لم أدر سبباً لإلحاح والدي ووالدتي رحمهما، علينا وهما يكرران الأسطوانة اليومية قبل النوم «طفّوا الكهرباء كلها في البيت»، وكنت، ولم أزل إلى يومي هذا، مصاباً بداء الخوف من العتمة، وأعد الضوء حماية من المجهول القادم الذي أصابني بهاجس الخوف، واكتشفت متأخراً أن تصرفهما الفطري البسيط كما هم آباؤنا وأجدادنا، إنما هو ما نسعى إليه، في حملات التوعية بعدم الإسراف وهدر المياه والكهرباء. من نعم الله على هذا الوطن وأبنائه أن حباه بقيادة رشيدة فتحت قلوبها لأبنائها قبل أن تفتح أبوابها، فوفرت لهم سبل العيش الكريم، بحيث أصبح الإماراتي «الأول والأكثر سعادة عربياً في مقياس السعادة العالمي»، وكل من يعيش في الإمارات، يعد من السعيدين، بل ومن المحظوظين، لأنه يتمتع بميزات لا يجدها في بلده الأصلي، وتصعب عليه المقارنة بين ما يعيشه في الإمارات من رخاء وتطور حتى في أفق التفكير، وما يعيشه في بلده. وكي تدوم النعم علينا يتوجب علينا شكر الله أولاً وقيادتنا الرشيدة، وليس الشكر باللسان والقلب فقط، إنما بالأفعال أيضاً من خلال الحفاظ على هذه النعم وعدم التفريط بها، وتلك مسؤولية الجميع، بأن يعي كل منا، موظفاً كان أم موظفة، عاملاً في أي قطاع، أباً أو أماً ابناً في بيته، أن هدر المياه والكهرباء والإسراف فيها، هو إضرار بمصلحة الوطن، كما أنه إضرار بمصلحة الفرد نفسه، ومخالف لتعاليم ديننا الحنيف الذي نهى عن الإسراف. لا نعبأ أحياناً بتصرفات بسيطة تؤدي إلى خسارة كبيرة، وفي المقابل لا نقدر قيمة تصرفات تبدو بسيطة، لكنها كبيرة في نتائجها وآثارها الإيجابية، فهذا الموظف الذي يحرص على إطفاء آلاف مصابيح الإضاءة بعد انتهاء العمل، بمبادرة ذاتية منه، بتصرفه المسؤول والواعي هذا يوفر طاقة ونعمة، وقد يمنع بهذا التصرف البسيط ظاهرياً، والعميق وعياً، حريقاً يكلف الملايين حين نطفئ سخان الماء في بيوتنا، وحين نطفئ حواسيبنا الإلكترونية ومصابيح لا حاجة لنا بها في دوائرنا بعد انتهائنا منها، فإننا بتلك التصرفات نؤدي واجباً وطنياً بحماية المال العام، ونمنع في الوقت ذاته ويلات وكوارث قد تحدث نتيجة إهمال بسيط. ابن الخياط: تلاقــتْ عنـدك الآمـالُ حـتّى أبى إسـرافُ جـودِكَ أنْ يُلاقـا وأقبـلَ بالهنــاءِ عليــكَ عيـدٌ حَــداهُ إليــك إقبــالٌ وســاقا فسـرَّكَ وهـوَ منْـكَ أسَـرُّ قلباً وَلاَ عَجَـبٌ إنِ المُشـْتاقُ شَاقا Esmaiel.Hasan@admedia.ae