كلما زرت العين تنتابني مشاعر جياشة من الفرح والسعادة ذلك لأن «دار الزين» مدينة تشتعل بهذه المشاعر وتؤسس لمكان القلوب الطيبة، فالعين مدينة لا تضيعك أبدا مهما كان الضياع. كلما زرت العين أحس بحالة من الشجن فأبحث عن ضياع متعمد بين شوارعها ومناطقها وأسواقها ومولاتها لعلي أجد صديقا تقاسمنا معا وجع الانتظار أو حبيب تقاسمت معه غرام المدن، لا أدري ولكن للعين مكانة في قلبي ووجداني كلما زرتها تجددت تلقائيا. كلما زرت العين أشعر بأنني مهيأ للحب أكثر من قبل، وأن خلايا في جسمي بدأت تتجدد وتنمو فأكون في أوج عطائي الوجداني دون مقدمات. عشت في العين قرابة الخمس سنوات، كانت أحلى سنوات حياتي المهنية، تعرفت خلالها على عشرات الأصدقاء، أحببت أماكنها تهت في شوارعها ونخيلها، أدمنت حرارتها التي تشابه كثيرا حرارة العشاق، حتى للبرد فيها مشاعر دافئة. في العين أينما وليت وجهك صافحتك الخضرة، والوجوه الباسمة والأصالة والابتسامة التي لا تفارق شفاه أبناء هذه المدينة الغالية. في العين ترى الإمارات.. ترى زايد الخير.. وترى كل إمارات الدولة لكن ما يدهشك هذا الكم، كم الخضرة؛ ففي العين استقرت الشجرة المباركة وترعرعت مزارع النخيل، وباتت العين إحدى أكثر مدن العالم احتضانا لهذه الشجرة، وهي التجربة التي احتضنها باني نهضة الإمارات المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد، طيب الله ثراه، فالمتابع لرحلة الشيخ زايد لتأسيس دولة الإمارات منذ ستينيات القرن الماضي سيكتشف أن حكيم العرب خط على رمال صحراء العين قبل أكثر من نصف قرن أحلامه التي تحولت إلى واقع بعد أقل من عقدين؛ فمن هناك بدأت رحلة الأحلام وانتقلت إلى أبوظبي ومنها إلى كل إمارات الدولة. إن متابعة دقيقة لأفكار الشيخ زايد في الستينيات تكشف أن هذه المدينة البعيدة عن الساحل كانت البداية ففيها حفرت الأفلاج وقبلها بنيت القلاع التي استخدمها أجدادنا في الدفاع عنها ضد الغرباء. ومنها بدأت أحلام النهضة التي نعيشها الآن. إن الغالبية العظمى من أبناء أبوظبي المنتسبين للعين لا يفوتهم أبدا قضاء عطلة نهاية الأسبوع في هذه المدينة، فهناك شوق داخلي يربط بين أبناء أبوظبي والعين. وإذا كانت المدن تشبه أهلها فإن العين تشبه أبناء هذا البلد الطيب فهي بحق «دار الزين».