يحمل الكثير منا ذكريات حزينة وسعيدة، ولكن أغلبنا ما تحفر وتظل في خباياه الذكريات الحزينة فلا تمحى وتظل عائقا يرافقه في الكثير من المواقف والأحداث، فلا يعطي نفسه فسحة للنسيان، وينسى أن لنعمة النسيان حكم فهي دواء للتخفيف من هموم الذكريات وراحة للأفكار، وفرصة للحصول على أفكار جديدة والتخلص من الضغوطات الفكرية التي قد يؤدي منها إلى الصداع قد يكون سببا مضراً لخلايا المخ، كما يسبب عدم النسيان إلى كثرة الشرود وغيرها من السلبيات التي تؤثر على واقع حياته. وأذكر أنني قرأت قصة تحمل الكثير من العبر في طياتها، حيث تدور أحداث القصة عندما طلب حكيم من كل واحد من طلابه أن يحضر معه كيساً نظيفاً ثم طلب منهم أن يضعوا ثمرة من البطاطس في الكيس النظيف عن كل ذكرى مؤلمة في حياتهم اليومية التي لا يرغبون أن ينسوها، وأن يكتبوا اسم الذكرى وتاريخها على الثمرة. عملوا بوصية الحكيم وأصبح بعض منهم يحمل كيساً ثقيلاً جداً لكثرة ما يحمل بداخله من ذكرى مؤلمة. وبعدد ما يحمل من ذكرى يضع البطاطس في الكيس. ثم طلب منهم أن يأخذوا هذا الكيس معهم بما فيه أينما ذهبوا لمدة أسبوع، وأن يضعوه بجوار فراشهم في الليل وفي مقعد السيارة عند ركوبها وأن تكون بجوارهم دائماً في كل مكان؛ وطبيعي تدهورت حالة البطاطا وأصبح لها رائحة كريهة ما جعل من حملها شيئاً غير مستحب، فلم يمر وقت طويل حتى كان كل واحد منهم قد قرر أن يتخلص من كيس البطاطس بدل حمله في كل مكان يذهب إليه، وهنا كانت حكمة الشيخ لطلابه أن يرموا الذكريات الحزينة من داخلهم وأن يوقنوا أن ما ندفعه بسبب احتفاظنا بهذه الأفكار يؤلمنا ويتعبنا طوال حياتنا ويفقدنا أحياناً لحظات السعادة. ولتأكيد أن النسيان نعمة، فقد طور العلماء دواءً يمحو الذكريات الحزينة والمحرجة، فقد نشرت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية أن علماء سويسريين تمكنوا من تطوير دواء لمحو الذكريات الحزينة والمحرجة، وهو الأمر الذي طرح تساؤلات حول مدى أخلاقية هذه الأدوية وفاعليتها. وأكدت الصحيفة أن هؤلاء الخبراء توصلوا إلي تطوير دواء أثبتت فعاليته علي الحيوانات، إذ أسهم في تلاشي الحاجز حول اللوزة في الدماغ، وهي العضو المسؤول عن تخزين الذكريات عند الثدييات، وتبين أن الحيوانات تتوقف عن الخوف من الأصوات المرتبطة بالصدمات الكهربائية، ما يشير إلي أن الذكريات محيت؛ ويتشارك البشر والحيوانات في “اللوزة” ما دفع العلماء إلي تأكيد فعالية هذا الدواء عند المرضى، مشيرين إلى أن هذه الوسيلة العلاجية الجديدة تسهم في تخليص الناس من الذكريات الحزينة والمحرجة مثل التعرض للإساءة في الصغر أو انتهاء علاقة عاطفية أو وفاة حيوان أليف، كما أنها تساعد الجنود على التخلص من ذكريات الحرب القاسية. غير أن البعض يرى أن هذه الحبوب قد تستخدم بطريقة لا أخلاقية فتمحو بعض الذكريات الجميلة التي قد يرغب المرء في الاحتفاظ بها. فهل لو بيعت هذه الأدوية في السوق لاشتريناها؟ Maary191@hotmail.com