نشهد “مخالفات لغوية” جسيمة على ألسنة من يظهرون علينا عبر الفضائيات فيجرّون المرفوع وينصبون المجرور، فلا تعرف ماذا تفعل أمام هذه الحال، إلا أن تفوّض أمرك لله، لعل وعسى يتحسن المقال، ولا ندري إلى أين المآل. قد أولى العرب الفصاحة عناية خاصة، فكانت من ضرورات الرجولة والفروسية، وحتى الوزارة، ومن الفصحاء الوزراء يحيى بن خالد بن برمك الوزير السري الجواد، الذي كان سيداً في قومه وأفضلهم جوداً وحلماً ورأياً، وكان من أكمل أهل زمانه أدباً وفصاحة وبلاغة، وأخباره في الكرم والشرف مشهورة، وتقدم على أكثر أهل عصره في الإنشاء والكتابة. قال: ما رأيت رجلاً إلا هبته حتى يتكلم، فإن كان فصيحاً عظم في عيني وصدري، وإن قصّر سقط من عيني. ومن أجمل ما روي عنه أنه كان يقول لولده: اكتبوا أحسن ما تسمعون، واحفظوا أحسن ما تكتبون، وتحدثوا بأحسن ما تحفظون. وقيل له: أي الأشياء أقل؟ قال: قناعة ذي الهمة البعيدة بالعيش الدون، وصديق كثير الآفات قليل الإمتاع، وسكون النفس إلى المدح. وقيل له ما الكرم؟ فقال ملك في زي مسكين، قيل له فما اللؤم؟ قال: مسكين في بطش عفريت. قيل فما الجود؟ قال عفو بعد مقدرة. وقال: إذا فتحت بينك وبين المعروف فاحذر أن تغلقه ولو بالكلمة الجميلة. وقال الفضل له: يا أبت، مالنا نسدي إلى الناس المعروف فلا يتبين فيهم كتبيّنه ببر غيرنا؟ قال آمال الناس فينا أعظم من آمالهم في غيرنا، وإنما يسر الإنسان ما بلغه أمله. وقال: أنا مخير في الإحسان إلى أحسن إليه، ومرتهن بالإحسان إلى من أحسنت إليه، لأني إن وصلته فقد أتمته، وإن قطعته فقد أهدرته. وقال القاضي يحيى بن أكثم: سمعت المأمون يقول: لم يكن كيحيى بن خالد وكولده أحد في البلاغة والكفاية، والجود والشجاعة، وكان يحيى يجري على سفيان الثوري رضي الله عنه ألف درهم في كل شهر، فكان إذا صلى سفيان يقول في سجوده: اللهم إن يحيى كفاني أمر دنياي فاكفه أمر آخرته. فلما مات يحيى رأى في المنام فقيل له: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي بدعاء سفيان. السري الرفاء: مثلُ الشِــّهابِ أصـابَ فجّاً معشـِباً بحــريقِـه وأضــاءَ فجـّــاً مُظـلِـمـاً أو كالحُســـامِ إذا تبســّـــمَ مَـتنُــــه عَبَــسَ الرَّدى في حَـــدِّه فتجهَّمــا كــَــلِفٌ بِـدُرِّ الحَمــدِ يَبـرُمُ سِــــلكَه حتَّى يـُـرى عِـقـــداً عليه منظَّــمـا وفصــــاحة ٍ لو أنَّــه ناجــَــــى بهــا سَــحبانَ أو قُسَّ الفَصـاحة أفحَما لفـــظٌ يُريـك بديعـُـه حَــلْيَ الدُّمــَى طَـلقــاً و نُــــوَّارَ الرُّبـَــا مُتبسـِّــما Esmaiel.Hasan@admedia.ae