تتكررت مؤخراً قصص عقوق الوالدين والإساءة لكبار السن، فبعد قصة الخادم، الذي كان يقوم بضرب المسن المواطن، ظهرت مؤخراً قصة الشاب المواطن الذي كان يحاول قتل أمه لولا أن نجاها الله، وقبلهما سمعنا قصصاً كثيرة عن عقوق الوالدين، بل من يبحث في أعماق المجتمع قد يجد قصصاً أكثر، وربما قليل منها يصل إلى أقسام الشرطة، أو تتم معرفته لأن غالبيتها تبقى ضمن الإطار العائلي خصوصاً أن كبار السن والمسنين لا يسمع لهم صوت، وقد لا يستطيعون إيصال شكواهم إلى أحد. وأعرف مسنة لا تزال تقبع وحيدة في منزلها لا يزورها الأبناء إلا نادراً، وقد تبقى تحت رحمة الخادمة كثيراً، فتنادي ولا أحد يجيب لتلبية احتياجاتها، بل إن الخادمة هي نفسها تشتكي من قلة توافر الطعام، وذلك يذكرني بقصة أخرى، فقد بقيت إحدى المسنات مهملة طويلاً في زاوية تحت سلم منزل ابنها إلى أن توفاها الله! الجهات المعنية تحركت فعلاً لاستصدار قوانين لحماية هذه الفئة الضعيفة، غير أن المسألة يبدو أنها تتفاقم، ولابد من التحرك سريعاً، فلا يجب الانتظار حتى تحدث مصيبة ثم نقدم الحلول، المفروض أن تتم الوقاية من الجريمة، وليس التصرف كردة فعل بعد حدوثها، فالهدف في الأساس هو حماية هؤلاء الضعفاء، والحفاظ على حقوقهم. أعتقد أن على المشرع مراعاة توفير الحماية لهذه الفئة والحفاظ على حقوقهم، والحرص على عدم تعرضهم لسوء المعاملة حتى من أقرب الناس إليهم من أبنائهم، ومن عقوق الوالدين، فكما يفرض قانون الطفل على أولياء الأمور توفير الرعاية الكاملة للأبناء، كذلك نتمنى أن يفعل قانون المسنين المنتظر، فلا يغفل مسؤولية الأبناء في حماية ورعاية آبائهم، خصوصاً المسنين لأننا في زمن مختلف ربما تطغى عليه المادية في كثير من الأحيان، وربما يكون الإهمال والانشغال كل واحد بحياته سبباً رئيساً لتعرض كثير من كبار السن لسوء المعاملة، وابتعاد أبنائهم عنهم لدرجة العقوق! هناك قصص عن عقوق الوالدين، ربما سمع بها الكثيرون غير أننا نفضل الصمت عنها على أساس أنها شأن عائلي بين الأبناء وآبائهم، وأحياناً يكون تدخل الجهات المعنية محدوداً وغير حاسم، وهنا أعتقد أن على المجتمع أو على الجهات المختصة أن تتعامل مع المسنين بقوانين شبيهة بقانون الطفل من ناحية توفير الرعاية والحفاظ على الحقوق الأساسية؛ فنحن نعيش في دولة عصرية حضارية، وربما لم تعد الأعراف، أو الأخلاق، أو حتى الدين كافياً لردع الأبناء عن عقوق والديهم. bewaice@gmail.com