تدخل المحاكم فترى العجب العجاب في الخلافات بين الإخوة والأزواج على فتات وسفاسف الأمور، فهذا طلق زوجته وشرّد عياله، وخرب بيته، في لحظة غضب، أو انزعاج، وذاك كاد يرتكب جريمة قتل بسبب شجار على أمر تافه، وقصص لا تنتهي من الخلافات، التي قد أودى بعضها إلى جرائم، وكل ذلك كان يمكن تجنبه بقليل من الحكمة. وليس هناك شيء أغلى من الحكمة وهي الوصفة السحرية للفوز بكل ثمين، وتكاد تكون اليوم الحكمة عملة نادرة. يقال إن ابن القرية أبو سليمان أيوب بن زيد بن قيس بن زرارة، وكان أعرابياً أمياً، ومعدوداً من جملة خطباء العرب المشهورين بالفصاحة والبلاغة، دخل على الحجاج وكان من أكابر أهل زمانه فطنة وعلماً فسأله الحجاج وقال له: ما الكفر؟ قال البطر بالنعمة، والإياس من الرحمة، فقال: ما الرضى؟ قال: الثقة بقضاء الله والصبر على المكاره، فقال: ما الحلم؟ قال: إظهار الرحمة عند القدرة والرضى عند الغضب. فقال: ما الصبر؟ قال: كظم الغيظ والاحتمال لما يراد. فقال: ما الكرم؟ قال: حفظ الصديق وقضاء الحقوق. قال: ما القناعة؟ قال: الصبر على الجوع والعري عن اللباس. قال ما الغنى؟ قال: استعظام الصغير واستكثار القليل. فقال: ما الرفق؟ قال: إصابة الأشياء الكبيرة بالآلة الصغيرة الحقيرة. فقال: ما الحمية؟ قال: الوقوف على رأس من هو دونك. قال: ما الشجاعة؟ قال: الحملة في وجوه الأعداء والكفار، والثبات في موضع الفرار. فقال: ما العقل؟ قال صدق المقال وإرضاء الرجال، فقال: ما العدل؟ قال: ترك المراد وصحة السيرة والاعتقاد. فقال: ما الإنصاف؟ قال: المساواة عند الدعاوى بين الناس. فقال: ما الذل؟ قال: المرض من خلو اليد والانكسار من قلة الرزق. فقال: ما الحرص؟ قال: حدة الشهوة عند الرجال. فقال: ما الأمانة؟ قال” قضاء الواجب. فقال: ما الخيانة؟ قال: التراخي مع القدرة، قال: فما الفهم؟ قال: التفكر وإدراك الأشياء على حقائقها. وقال ابن المقفع كان لملوك الهند كتب كثيرة بحيث كانت تحمل على الفيلة فأمروا حكماءهم أن يختصروها فاتفق العلماء في اختصارها فاختصروها على أربع كلمات: إحداها للملوك وهي العدل، والثانية للرعية وهي الطاعة، والثالثة للنفس وهي الإمساك عن الطعام إلى وقت الجوع، والرابعة للإنسان وهي ألا ينظر إلى غير نفسه. محمود سامي البارودي: طــربتْ وَلولاَ الحـلمُ أدركني الجهلُ وَعـَــاوَدَنِي مَا كَــانَ مِنْ شِــرَّتِي قَـبْلُ فَرُحْــتُ، كـَأنِّي خَــامَرَتْنِي سَـبِيئَـة ٌ منَ الراحِ منْ يعلقْ بها الدهرَ لا يسلو سَلِيلَةُ كَرْم، شَابَ فِي المَهْدِ رَأْسُهَا وَ دبَّ لها نســلٌ ، وَ ما مســها بعلُ Esmaiel.Hasan@admedia.ae