في نهاية الأسبوع عدت الى منزل الوالدة الكبير حيث كل شيء لايزال كما هو، وحيث ذكريات الطفولة لا تزال تسكن جدرانه وتنتشر بين ثناياه، ورائحته التي تعيدني الى زمن لا تزال تفاصيله ماثلة في منطقة ما من الذهن.. تأتي الجارات العجائز الطيبات كعادتهن حاملات القهوة والفوالة كطقس اعتدن القيام به منذ سنوات طويلة، تجدهن يستذكرن أيام زمان وقصص الزمن الجميل الى أن تجرهن واحدة منهن للحديث عن الخدم وقصصهن وآخر ألاعيبهن ومشاكلهن فيستمر حديث الخبرات والمواقف السيئة طويلاً، وبتلقائية يعرجن الى الأوضاع الاقتصادية الجيدة بعد سنوات من الأزمة العالمية الطاحنة التي مل الناس والمحللون من الحديث عنها بعد كل تلك السنين، خصوصا أن اقتصادنا متين وقوي لا تهزه العواصف العابرة للقارات.. تنهدت إحداهن رافعة يديها الى السماء: اللهم احفظ بلادنا من كل شر وسوء واحفظ قادتنا ووفقهم، تمتم الجميع بصوت واحد، اللهم آمين.. لقد توقفن عن الحديث حول الأسهم والعقارات، ربما توقفن عن الاستثمار في تلك القطاعات التي لم تعد مجدية فأردت ان أعرف ماهي وجهة نظرهن فألقيت عليهن سؤالاً عن أسعار العقارات هذه الأيام.. ردت إحداهن وكأنها تنصحني بعدم الاقتراب من السوق العقاري لأن الاسعار مبالغ فيها وليست واقعية بالرغم من حجم المعروض، وربما يكون ذلك بسبب عدم وجود طلب حقيقي فلا أحد يشتري الآن مع ان البنوك توفر عروضا تمويلية جيدة، قالت ذلك على مضض وما إن أنهت حديثها حتى انتقلت للحديث عن موضوع آخر، فالعقارات لم تعد تثير اهتمام أحد على ما يبدو، فتساءلن عن ابن علانة الذي تعرض لحادث مروري اضطر بعدها الى السفر للعلاج في الخارج، وهو ما فتح موضوع السفر الى الخارج للعلاج والسياحة، فقالت أم سالم إن أم رشود قررت السفر مبكرا الى مكان يسمونه “لوزان” لأنها تريد العودة قبل أن يدركها رمضان الذي سيحل علينا هذا العام مبكرا في عز الصيف، وردت عليها أم سعيد، قائلة إن ذلك نوع من “البطرة”، سقى الله تلك الايام عندما كنا “نقيض” في العين فنقضي كل أشهر الصيف فيها، وتحت نخيلها وأشجار ليمونها، وقريبا من أفلاجها وواحاتها.. ردت عليها أم ناصر، موضحة أن الزمن تغير والأبناء اليوم لم تعد العين تكفيهم.. اليوم يبحثون عن السفر رؤية العالم والتسوق.. إنه الزمن ومتطلباته يا أم سعيد.. قالت أم سعيد: سقى الله العين ونخلها وكل بقعة في بلادنا، إنها أفضل من أي مكان في العالم، الحمدلله كل شيء متوافر هنا فلم نتكبد العناء من أجل الحصول على ما يمكن الحصول عليه ونحن هنا في البلاد؟. bewaice@gmail.com