ما وصل إليه الصينيون اليوم من تطور هائل يأخذ بالألباب ويستدعي منا التوقف عند تجربة عريقة تنبه إليها العرب منذ وصولهم بالتجارة والفتوح الإسلامية إلى تلك البلاد العجيبة، وقد وقفت «على مروج الذهب ومعادن الجوهر» للمسعودي وهو يصف أهل الصين وأسباب براعتهم في الصنعة أيا كانت، وما كانت لديهم من شروط لإتقان المهن، فزالت عني الدهشة التي أصبت بها للتطور الصيني، إذ يقول المسعودي عنهم: أما أهل الصين فمن أحْنَقِ خلق اللهّ كفاً بنقش وصنعة وكل عمل، لا يتقدمهم فيه أحد من سائر الأمم، والرجل منهم يصنع بيده ما يقدر أن غيره يعجز عنه؛ فيقصد به باب الملك يلتمس الجزاء على لطيف ما ابتدع، فيأمر الملك بنصبه على بابه من وقته ذلك إلى سنة، فإن لم يخرج أحد فيه عيباً أجاز صانعه وأدخله في جملة صناعه، وإن أخرج أحدٌ فيه عيباً طرحه ولم يُجِزْه، وأن رجلاً منهم صور سنبلة سقط عليها عصفور في ثوب حرير، لا يشك الناظر إليها أنها سنبلة سقط عليها عصفور، فبقي الثوب مدة. وأنه اجتاز به رجل أحْدَبُ، فعاب العمل، فأدخل إلى الملك وأحضر صاحب العمل، فسأل الأحدب عن العيب، فقال: المتعارف عند الناس جميعاً أنه لا يقع عصفور على سنبلة إلا أمالها، وصَوَر هذا المصور السنبلة فنصبها قائمة لا مَيْلَ فيها، وأثبت العصفور فوقها منتصباً، فأخطأ، فصدق الأحدب، ولم يثب صاحبها بشيء، وقَصْدُهم بهذا وشبهه الرياضة لمن يعمل هذه الأشياء؟ ليضطرهم ذلك إلى شدة الاحتراز والحذر وإعمال الفكر فيما يصنعه كل واحد منهم بيده. وأهل الصين شُعُوب وقبائل، كقبائل العرب وأفخاذها وتشعبها في أنسابها، ولهم مراعاة لذلك، وحفظ له، وينسب الرجل منهم إلى خمسين أباً إلى أن يتصل بعابور جدهم الأول وأكثر من ذلك وأقل. ولا يتزوج أهل كل فخذ من فخذهم مثال ذلك أن يكون الرجل من مُضَرَ فيتزوج في ربيعة، أو من ربيعة فيتزوج من مضر، أو من كَهْلاَن فيتزوج في حِمْيَر، أو من حمير فيتزوج من كهلان، ويزعمون أن في ذلك صحة النسل وقوام البنية، وأنه أصح للبقاء، وأتم للعمر. سليمان العيسى: ياأصدقاء الشمس،ياصانعي براعـــم التـاريــخ .. منذ أثَّغَرْ عُذراً، إذا غنيتُ في موطـنٍ كلّ ارتعـاشٍ فيـه لحـن عطــرْ تفتّح الفكـــرُ على دربكــم فالأرض غـــرقى بشــهيِّ الثمرْ فرائدُ الإبداع.. ما يشـتهي القلبُ،وتستحلي الرؤى والفكَرْ حلَّيتمُ الدهر .. فكم روعـةٍ على خطى الدهـر، وكم من أثر يا صين، يا أعرقَ أنشــودةٍ بـاح بهــا ثغــــرٌ، وغنـى وتَــرْ Esmaiel.Hasan@admedia.ae