أصل الانغلاق، والتقوقع والانكفاء هو الخوف، وما الخوف إلا نتيجة الضعف في الشخصية، ما يؤجل كثيراً قدرة الإنسان على المواجهة والمقارعة والوقوف باستقامة الأصحاء، ومقام الأسوياء، .. وما يعيق حركة الذات وانفتاحها على الآخر، غير اللاءات التي تسقط على رؤوس البشر كالطير الأبابيل.. في المجتمعات المتخلفة، تكبر هذه اللاءات وتتورَّم وتتحول إلى كتل صخرية صلدة، وإلى جبال من الوهم، ما يجعل الإنسان يصنع عالمه الذاتي بنفسه ليغوص في أرجائه المعتمة حتى يتوارى بعيداً عن الأنظار. والأطفال نموذج لهذا الكبت، والتخويف اليومي من كائنات وهمية وأخرى بعيدة.. ومن يشب على شيء يشيب عليه، والتربية في الصغر كالنقش في الحجر، قالها الأولون عن تجربة وخبرة أزمنة بعيدة، وهي الآن يجب أن تدرس ويجب أن يكون للمدرسة دور الشعاع الذي يخترق الظلمة ليأخذ بيد الذاهبين إلى المستقبل، ويحميهم من كأداء الخوف وشعواء المرتجفين، والمهيأين دوماً لصناعة العدو الخارجي. فالخائفون منغلقون والمنغلقون لا ينتجون ولا يستطيعون مواكبة ركب العجلة الإنسانية الذاهبة بعيداً في عمق عملية التطور واختراق فضاءات إبداعية مبهرة.
تعليم الناس اختراق العادة، وكسر المألوف أولوية تتقدم تعليمهم الكيمياء والفيزياء ومن يجهل نفسه لن يكتشف ما يحيط به من عوالم مادية ومعنوية. منذ فجر التاريخ والإنسان يجدد عقله باكتشافات واختراعات معجزة، لكنه لم يزل بعد في طور النشوء والارتقاء في فهم النفس، وهذه هي المعضلة. وما تصريحات الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة إلا نتيجة قدرة فائقة على فهم هذا العالم عالم النفس البشرية، ودورها المحوري في صناعة غد البشر.
فكل ما نشهده اليوم من سيول حمراء، أغرقت الأقطار والأمصار ماهو إلا نتيجة الاحتقان ونتيجة الضعف النفسي، والخوف من مواكبة الأحداث بصورة شفافة تعيد للذات ترتيب أوراقها وتحقق الأماني النفسية في قراءة الطور من غير ارتجافة.
تصريحات سموه تؤكد قدرة قيادتنا ورجالنا على تجاوز عالم يستطيع الآخرون تجاوزه، كوننا حظينا بإرادة الصدق مع النفس واحترام الذات، ومن ثم ينعكس ذلك بديهياً على احترامنا للآخر وقدرتنا الفائقة على التعامل مع الألوان المختلفة بعيون لا تخطئ التذوق في جمع الألوان ضمن لوحة تشكيلية واحدة ورائعة اسمها الوطن .. اسمها الإمارات العربية المتحدة، واحة الجميع، وباحة الناس أجمعين عندما يودون الاجتماع على كلمة سواء تحترم المنجزات وتقدر الأيادي التي بنت وبذلت لأجل وضع السعادة، سجادة وسقفاً.



marafea@emi.ae