يقول المثل “الغرقان يتعلق بحبال الهواء”.. وهذا هو حال الناس الذين يعانون من أمراض نفسية تستعصي على الحلول الفردية وأحياناً حتى الطبية، فهؤلاء لا يملكون غير الوقوع فريسة بين أيدي المشعوذين الذين يمارسون قدراتهم الخرافية لانتزاع أمراض نفسية أسبابها اجتماعية وتربوية ومعيشية.. المشعوذون كُثر وهم ينتشرون بين فئات المجتمع كانتشار النار في الهشيم، ينصبون أنفسهم أمام من أقعدتهم الانكسارات النفسية أوصياء، يستطيعون أن يعيدوهم إلى الحياة الطبيعية لمجرد تعرضهم للضرب المبرح وقراءة الطقوس، ولا يملك المرضى غير الإذعان لهذه الخوارق الوهمية والاستسلام لها بكل جوارحهم، أملاً في أن يتحرروا من وهدة المرض والانتقال من عبودية الذات المريضة إلى عبودية أشخاص يفرضون سيطرتهم بأساليب إيحائية وقراءات غرائبية، إضافة إلى الضرب بالعصى بهدف إخضاع الفريسة والسطو على قدراتها الجسدية والنفسية.. هذا في الحقيقة ما تمت ممارسته مع فتاة عجمان من قبل شخصين من أبناء البلاد، فقد لجأت إليهما الفتاة مستغيثة، وما كان بإمكانهما أن يفعلا غير الذي فعلاه، الطقوس والضرب الذي قضى على حياة شابة في ريعان العمر.
الجهل عدو، إن تقطع دابره بالوعي فإنه يتحول إلى سيف بتار قاتل مخاتل لا يرحم.. الذين يمارسون السحر إنما هم محتالون يستغلون ضعف نفوس البشر وقلة وعيهم ومنتهزين بذلك تقاليد قديمة نبتت عليها ثقافة بعض الناس لأجل الكسب والتربح من وراء مهارات فردية لا تكلف جهداً ولا عرقاً ولا مالاً.. الذين يمارسون مثل هذه الأعمال الخطيرة هم قتلة بأساليب غير مباشرة يستحقون العقاب والملاحقة لقطع دابر أخطارهم ولكن أيضاً بجانب هذا لابد من تكثيف البرامج الثقافية لتنبيه الناس وتوعيتهم بخطورة هذه الأعمال السحرية، وأنها لا تنبع من دراسة علمية لماهية الأمراض النفسية، إنما هي مزرعة للأوهام وأعشاب شوكية تنبت في الترب الاجتماعية غير الواعية وغير المدركة لأهمية العلم في علاج الأمراض النفسية.. التكثيف الإعلامي يجب أن يكون مدروساً وممنهجاً لأنه يمس الإنسان، ثروة الوطن وعماد تطوره ورقيه.. ولا يجب الفصل ما بين المتابعة الأمنية لمثل هذه الحالات والدور الإعلامي الذي يستطيع أن يصل إلى كل بيت وإلى جميع مستويات الأعمار.
فأمهات اليوم وآباء اليوم بحاجة ماسة إلى مثل هذه الشحنات الإعلامية لإزاحة الغبار وقشع الغبار من أمام عيون الناس خاصة أن التغيرات الاجتماعية المتلاحقة تتبعها تغيرات سيكولوجية لدى الأفراد بحاجة إلى فهم وإلى وعي بأهمية علاجها طبياً لا شعوذياً.



marafea@emi.ae