كما دخلوا قلوبنا من دون استئذان، يغادرونها فجأة وبدون استئذان أو وداع، هكذا هي القلوب والأرواح الطيبة كالنسمات الندية في حياتنا، فقد فُجعت أسرة «الاتحاد» برحيل الزميل أكرم يوسف الكاتب والناقد والمحلل الرياضي صاحب الانفرادات المتميزة في «الاتحاد الرياضي»، وقبل ذلك كله الأخ والصديق العزيز على الجميع، تميز بنبله وكرمه ودماثة خلقه وحرفيته العالية.
دخلت قاعة التحرير في «الاتحاد» وكعادتي التفت للزملاء في القسم الرياضي لتحيتهم، ولكن أكرم لم يعد بينهم، غادرنا فجأة من دون أن تتاح لنا فرصة وداعه. وبدلاً من أن أهنئهم وزملائي في الصحيفة بالعيد، كنا نعزي أنفسنا برحيله المفاجئ والمبكر، وهو الذي اعتدنا تواجده بيننا يتابع حواراتنا الصاخبة صخب الرياضة والأحداث التي تشهدها منطقتنا بصمت قبل أن يتدخل بهدوء ويقنعنا بهدوء ومنطق أيضاً.
عرفته لنحو عقدين من الزمن في «الاتحاد الرياضي» وعندما كان في مجلة «السوبر» ليعود إلى موقعه مجدداً في القسم الرياضي لـ«الاتحاد»، وعلى امتداد كل تلك الأعوام والسنين لم أعرف ويعرف عنه كل من عمل معه سوى الاحترام والمهنية العالية، وعلو همته وكرم أخلاقه، فقد كان له من اسمه نصيب. كما كانت له بصماته في الإعلام الرياضي الذي يشهد له بالأداء الرفيع والتواضع الجم.
كان يحرص في المناسبات العديدة ونحن في غمرة العمل على إسعادنا في قاعة التحرير بما يضفي من لمسات بسيطة سعيدة علها تخفف عن المتواجدين فيها وطأة ساعات العمل الطويلة، حيث نقضي مع بعض ساعات أطول مما نقضيها بين أسرنا وفلذات أكبادنا.
وبينما كنا نقترب من وداع شهر رمضان المبارك استأذننا مودعاً لقضاء إجازة عيد الفطر بين أسرته، على أن يتجدد اللقاء بعدها في رحاب «الاتحاد» الصرح الذي يجمعنا، ولم نكن نتوقع أنها لحظات الفراق والوداع الأخيرة قبل أن يردنا الخبر المباغت برحيله عن دنيانا الفانية وهو بين أسرته الصغيرة في أرض الكنانة التي غادرها سريعاً كما رحل عنا وغادرتنا برحيله فرحة استقبال العيد.
في رحيلك «يا بوبلال» لا نقول إلا ما يرضي الله، وكما يقول سبحانه «الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون». رحم الله أكرم يوسف وغفر له وأسكنه فسيح جناته، وخالص العزاء وصادق المواساة لأسرته في الشقيقة مصر ولأسرته الكبيرة في «الاتحاد» و«أبوظبي للإعلام» وقرائه ومحبيه ومتابعيه.