عندما قرأت قصة الجريمة البشعة، للباكستاني الذي راح ضحية ساطور امرأة، احتقنت، فتورمت، وغدرت، وربما من أجل نزوة طائشة، أو رغبة غاشية، أو فكرة شيطانية لعبت برأس الجانية، فتصورت أن الخلاص الوحيد لمحنتها هو بالقضاء على الزوج “العقبة الكأداء” والانتهاء من حياته لبدء حياة جديدة مزدهرة بالأماني والآمال المبهرة.
بعد قراءة هذه القصة تذكرت المجني عليه، وهو في العقد الرابع من العمر، تذكرت كيف فكر هذا الكائن البشري أن يغادر بلده إلى بلد آخر، ويترك الأرض والأهل والأصحاب ليصطحب معه الزوجة شريكة العمر لبناء أسرة وتحقيق طموحات ما كانت تتحقق في بلده بحكم الظروف المعيشية الصعبة، وتذكرت هذا الرجل وهو في تلك اللحظة التي كان يجلس فيها على أريكة في صالون الشقة، وكيف كان يفكر، وكيف كان ينظر إلى الزوجة التي كانت تفكر في شيء آخر من أجل المباغتة، ومن أجل حل صراع داخلي لديها والقضاء عليه.. ما كان يعلم أبداً هذا الزوج أنه في يوم من الأيام ستقطع أوصاله إلى أشلاء مجزأة، ويتحول إلى كومة من العظم واللحم، موزعة في أكياس بلاستيكية وملقاة في عرض الصحراء. ما كان يعلم أن حقد المرأة قد يحولها إلى كائن متوحش، يفتك ويهتك، وبلا رحمة أو شفقة.. ما كان يعلم الرجل أن هذه المرأة التي دموعها تسبق أي حيلة دفاعية لديها، وأن هذه المرأة، المخلوقة من “ضلع أعوج” تمتشق ساطور الجرأة وتنهال عليه، كما فعلت شجرة الدر ببعلها، ولكن الأخيرة كانت أرحم، حيث استخدمت القبقاب بدلاً من الساطور.
ما كان يعلم الرجل أن هذه الزوجة التي استرخت في يوم من الأيام على ذراعه، وقالت له ما قالت شهرزاد لشهريار في ليلة من ليالي النجوم الساقطة على رؤوس الشياطين.
ما كان يعلم الرجل أن هذه الزوجة التي اقترن بها من أجل العيال، والباكستانيون يحبون كثرة الذرية، أن تصير قنبلة ذرية تفجر الكون بجريمة يهتز لها الوجدان وترتعد لها الفرائص، وينقبض القلب، وترتج الأرض، وتميد الجبال، وتفور البحار.
ما كان يعلم هذا الرجل أن الخلافات الزوجية بين رجل وامرأة يمكن أن تسيل لها دماء، ويفصل لها الرأس عن الجسد، ما كان يعلم أنه سيعود إلى بلاده، يعود إلى الوطن غريباً بلا نعش ولا كفن، بل مجرد أشلاء، غابت ملامحها، وأعيت حتى الطبيب المداوي معرفة أجزائها إلا بالرجوع للحمض النووي.
ما كان يعلم، ولو علم، لحرم على نفسه الزواج، بل وأسدى النصائح لمن يحبهم بأن يعزفوا عن هذا الذي يسمى مجزرة الأقفاص الذهبية.
ما كان يعلم، ولو علم للجم نفسه، ونصح أحبابه وجيرانه وأبناء جيرانه وأحفادهم.. ولكن المسكين ذهب ضحية خدعة بصرية انتهت إلى فجيعة.


marafea@emi.ae