حبر وورق وأفكار من هنا ومن هناك، كلها اجتمعت وخطت أسطرها في هذا الكتاب وذاك، معرفة وعلم ومنهج، طريق وحياة وأسلوب وقصة ورواية وتاريخ وأدب وفلسفة وسياسة هكذا كان مهرجان أبوظبي للكتاب يحتفي بالفكر والإنسان والمجتمع والحضارات، مهرجان لكل أفراد المجتمع بكافة أفكاره وأعماره للصغير قبل الكبير. عند مدخل المعرض هناك جبل من الكتب في استقبال الزوار، بالإضافة إلى رسومات وألوان مجسمات تعبيرية زينت المكان. أصوات الأطفال وذلك المعلم الممسك بعصا "المطوع" وعودة إلى ضفاف الماضي، المكان يعج بالحياة، ويتكلم بمستوى لا يستثنى فيه أحد فالثقافة للجميع والجميع أهل لهذه الكتب. إنه مكان يبعث في النفس الراحة والسمو بمجرد أن تخطو باتجاهه، الكل يحمل كتاباً أو يقرأ، هناك أطفال يقرؤون وآخرون يرسمون مع ذويهم في أماكن خصصت لهم، وهؤلاء يبحثون عن دار نشر معينة، وتلك السيدة التي تقف هناك حاملة معها خريطة للمعرض، وترى هناك ركناً خصص للاستشارات الأسرية. في هذا المهرجان هناك من يأتي باحثاً عن ذاته، وهناك من يأتي راغباً في معرفة العالم، وباختلاف المقاصد ترسو سفن المعرفة في معرض أبوظبي للكتاب، فقد أصبح هذا المعرض جزءاً منا، من الأمس ورحلاته المدرسية، واليوم وانفراده وتميزه وتماشيه مع ما تشهده بلادنا من نهضة على المستوى الإنساني والثقافي. معرض الكتاب يحكي ويحاكي خبايا الأفكار والخواطر، هو معرض يتباهى فيه الحرف بانتشاره على الورق رغم الضجة الإلكترونية. معرض لا يكتفي بمجرد العرض ولكن يأخذك إلى ما وراء ذلك، فليس الكتاب الموجود على الرفوف هو ما يجذبك ولكن الحالة العامة والأجواء التي يخلقها المكان والقائمون عليه. الكتاب ليس من عنوانه، فكم الكتب الموجود يجعلنا نحتار في العناوين الظاهرة، أيهم أقرب لما نريد أو نبحث عنه، كما يجعلنا نفكر لما لا يمتد وقت هذا المهرجان الجميل ليتجاوز أيامه الستة ليدوم فترة أطول، ونحن على يقين بأنه وإن دام على مدار السنة لن نكتفي منه. يسدل الستار على هذا المهرجان الإنساني الثقافي، لتبقى ذكراه بين أيدينا محفورة بذاكرتنا وترتقي به أرواحنا، لنقرأ ولنرتقي ولنتجاوز المحيطات بهذا الكتاب أو ذاك، لنسجل بصمات أصابعنا على تلك الورقات التي تقاوم بريق اللوحات الرقمية وتلمس فينا الحنين إلى البساطة. ameena.awadh@admedia.ae