قدمت دولة الإمارات نموذجاً يحتذى به في مجال تنويع الاقتصاد، ونجحت في الوصول بحجم القطاع غير النفطي إلى 71% من الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي، مقابل 66% في العام الأسبق. وحققت الدولة هذه النسبة المرتفعة لإسهام القطاعات غير النفطية في الاقتصاد الوطني رغم أنها رابع أكبر مصدر للنفط على مستوى العالم متفوقة بذلك على دول عربية نفطية أعضاء في منظمة أوبك. وبنت الدولة استراتيجيتها الاقتصادية على تنمية القطاعات المختلفة وزيادة إسهامها في الناتج المحلي الإجمالي من خلال انتهاجها سياسة الانفتاح الاقتصادي والاستثماري، فأصبحت قبلة للمستثمرين من خلال بيئة جاذبة للاستثمار، وبما تقدمه من حوافز مهمة، أبرزها التملك الكامل لرؤوس الأموال في المناطق الحرة، فضلًا عن تشريعات نافذة تصون حقوق الملكية الفكرية وتحد من القرصنة. وبفضل موقعها الجغرافي المتميز تعد الدولة همزة وصل بين الشرق والغرب وبوابة للتجارة وإعادة التصدير، ورغم تراجع حجم التجارة الخارجية للدولة خلال 2009 بنسبة 16% فإنها تشكل نحو 72% من الناتج المحلي الإجمالي. وقد حظي القطاع السياحي باهتمام بالغ حيث شيدت الدولة بنية تحتية متطورة من موانئ ومطارات ومنتجعات سياحية، فضلاً عن مراكز تسوق أسهمت في إنعاش قطاع السياحة بكل إمارات الدولة التي يؤمها سنوياً قرابة ثمانية ملايين سائح. بيد أن هناك قطاعات أخرى بحاجة إلى توجيه المزيد من الحوافز لزيادة إسهامها في الناتج المحلي الإجمالي للدولة، يأتي على رأسها قطاع الصناعات التحويلية الذي تراجعت مساهمته في الناتج المحلي من 19,3% عام 2001 إلى 16,2% العام الماضي وذلك رغم الإمكانات الهائلة والفرص السانحة التي يوفرها القطاع. وبالتالي فإن الأمر يتطلب النهوض بالصناعة الوطنية نوعاً وكماً خلال السنوات المقبلة لتحتل مرتبة متقدمة بين القطاعات الاقتصادية الأهم في مسيرة التنمية المستدامة في الدولة. ومن القطاعات التي يراهن عليها الاقتصاد الوطني في المستقبل قطاع الخدمات المالية لما توفره الدولة من بنية مالية متطورة وشبكة مصرفية وتأمينية على قدر عال من التنافسية، وبالتالي فإن هناك حاجة إلى تطوير أسواق المال المحلية واستحداث سوق للسندات تساعد الشركات على توفير التمويل اللازم. إن السياسة التي انتهجتها الدولة لتنويع مصادر الدخل، من خلال تعدد القطاعات الإنتاجية وعدم الاعتماد شبه المطلق على قطاع واحد يتأثر بأوضاع السوق الدولية والعوامل الخارجية وهو النفط، ساعد على إرساء الأسس السليمة للاقتصاد الوطني وعبرت به إلى بر الأمان من أي أزمة واجهته على مر السنوات الماضية، بدءاً من تراجع سعر البترول إلى الأزمة المالية العالمية مروراً بأزمة آسيا. omar.arbaia@admedia.ae