أغلق معرض أبوظبي الدولي للكتاب مساء أمس الأول أبوابه، وأسدل الستار على نشاط ينتظره القارئ والناشر والموزع بفارغ الصبر، فهي الفرصة الوحيدة في المدينة، التي يتسنى فيها التفاعل بين أطرف الحركة الثقافية والإبداعية فيما يتعلق بالطباعة والنشر والتأليف والتوزيع، وهي قضايا عويصة تحتاج إلى نقاش واتخاذ قرارات على مستوى عال. لقد شهد المعرض فعاليات توقيع كتب ومحاضرات فكرية وأمسيات إبداعية، كما شهد زوايا لبرامج الطبخ وتناول الطعام والتسلية والغناء، ولا أدري ما علاقة معرض الكتاب ببرنامج تلفزيوني للطبخ، وموسيقى الراي، حيث كانت أصوات المذيع المتلذذ بذكر طرق تحضير الأطباق الشهية، وأصوات مطربي الراي وموسيقاهم قريبة جدا من الدول المشاركة. انتهى المعرض في ظل تذمر الناشرين وأصحاب المكتبات والموزعين وحيرتهم، من قلة المترددين وانخفاض نسبة البيع، فالمعرض في النهاية فرصة تجارية لبيع الكتاب وترويجه والتعريف بدور النشر والمبدعين والمؤلفين، وسيقول أحد المنظمين أن الناشرين لا يتوقفون عن التذمر والاعتراض ولا يعجبهم العجب، إلا أن الأمر ليس على هذه الشاكلة من الشد والجذب، لقد زرت المعرض في معظم أيامه، وفي الفترة المسائية، المفترض أن تكون غنية بالحضور والنشاط، إلا أنني كنت أمر بأصحاب الدور المشاركة وهم جالسين على كراسيهم يرزخون تحت ضجر وملل وانتظار من لا يأتي، وقال كثيرون منهم إن الإقبال هذا العام ليس كما في الأعوام السابقة، وبرر بعضهم ضعف الإقبال بالامتحانات المدرسية، والتوقيت (وكان يعني نصف الشهر، يعني الميزانية بدأت بالذوبان)، وكانت الردود لطيفة جدا ولكنها تخفي عدم رضا. لعل أجنحة ثقافة الطفل، والكتب السمعية البصرية، والوسائل التعليمية، كانت أكثر الأجنحة نشاطا وإقبالا، ربما لأن هذه الأجنحة تستقطب اهتمام أفراد الأسرة جميعا، ولأنها تُقدم بطرق جذابة ومثيرة، بل ربما لأن هذه الأجنحة كانت قريبة من بعضها، خلاف الأجنحة الأخرى، حيث اختلطت الأجنحة التي تهتم بالكتب الدينية بالأجنحة العلمية والإبداعية، فغاب الانسجام عن إيقاع المعروضات. لقد واجهت صعوبة في التحرك داخل المعرض، فهو مقسم بطريقة يصعب فيها الاستدلال على الدار، وقابلت كثيرين تائهين، ولا أدري لماذا لا يتم تنظيم الدور وفق بلدانها، أي يقسم المعرض إلى أجنحة الدول، أو تنظيم عرض الدور المشاركة وفق ترتيبها الأبجدي. الشفافية الثقافية مطلوبة بشأن معرض بحجم وأهمية معرض أبوظبي للكتاب، فهو في حاجة إلى إعادة تقييم من حيث التنظيم، أي ترتيب دور العرض، ومن حيث الفعاليات، أي التركيز على الكتاب والمؤلف فقط، ومن حيث تسهيل الدخول للمعرض وتوفير مواقف مجانية للزائرين، ومن حيث مدته، فستة أيام لا تكفي، ومن حيث الدعاية والترويج للمعرض، إذ نتوقع أن نشعر بنبضه في شوارع المدينة، وفي وسائل الإعلام المختلفة، كما يحدث مع الفعاليات الرياضية والغنائية والسياحية، ففي الطريق من قلب المدينة حتى تصل المعرض، لا توجد لافتة واضحة تقود للمعرض..لماذا؟ akhattib@yahoo.com