أشياء الفنانين التشكيليين الذين يضعون بصمة مؤثرة تفتح أبوابا وآفاقا جديدة، من بيوت وأماكن إنتاج وأدوات، تصبح بعد رحيلهم ثروة وطنية يعتنى بها من قبل الجهات المختصة، وتصير معلماً فنياً وسياحياً في المدن.
في الأسبوع الماضي نشر الفنان التشكيلي حسين شريف على إحدى وسائل التواصل الاجتماعي صورة لبلدوزر يزيل بيتاً قديماً، وأرفقها بتعليق «بيتنا في السطوة» ـ منطقة السطوة بدبي ـ أي أن البلدوزر يقوم بإزالة منزل الفنانَين، الراحل حسن شريف (1951 ـ 2016) وشقيقه حسين، هذين الفنانَين اللذين يعدّان من أهم الفنانين التشكيليين في الدولة لتجربتهما الطويلة ومنجزهما الفني، كما يشكل هذا البيت المكان الذي عاش فيه حسن شريف وحيداً لفترة طويلة، تمتد تقريباً من أوائل الثمانينات حتى مطلع الألفية الثالثة قبل أن ينال الاعتراف المحلي والعالمي، ومنه احتفاء العاصمة أبوظبي من خلال «هيئة أبوظبي للثقافة والتراث» ـ آنذاك ـ بإنجاز معرض ضخم له، استمر ثلاثة أشهر عام 2011  ضم جانباً مهماً من أعماله، وإصدار كتاب خاص عنه في بينالي البندقية تحت عنوان «حسن شريف، أعمال 1973 ـ 2011».
حسن شريف الفنان الذي غادر عالمنا، يعد رائداً اخترق السائد في الساحة الفنية وقدم تجربته المفاهيمية في عالم التشكيل محلياً، والتي واجهت في بدايتها الرفض والسخرية أحياناً، إلا أن حسن المؤمن بتجربته استمر في الإنتاج ورسّخ فنه وانتزع اعتراف واحترام الجميع، حتى بتنا نرى اليوم مجموعة من الفنانين والفنانات يسلكون ذات الدرب الذي مهّده حسن.
إذاً نحن أمام قامة فنية كبيرة كان من المهم الاحتفاظ بأشيائها والحرص على أن تبقى معلماً ومرجعاً ثقافيا؛ فالبيت الذي جال فيه البلدوزر عاش فيه الفنان حسن شريف وفيه أنجز الكثير من اللوحات التي أتقن تفاصيلها بإبداع خاص، وكذلك أعماله المفاهيمية، كما شهد لقاءاته بشعراء وأدباء وكتّاب وصحفيين، إضافة إلى عدد من الفنانين والمختصين الأجانب.
ذلك البيت كان من المهم أن يتحول إلى معلم وثروة ثقافية كجميع الأماكن الشاهدة على مسيرة الفن الحديث في الدولة ومؤسسيه ومن حملوا شعلته الأولى.
من المهم أن تقوم الجهات المعنية بتعيين مراقبين فنانين بالتعاون مع الجهات الثقافية قبل البدء في إجراءات مثل إزالة أو تحديث المواقع القديمة، وذلك حرصاً على ألا تزول الأماكن الثمينة ثقافياً في مسيرة التطوير.