في الزمن العاثر والظرف السياسي الآسر، وأحكام البؤس القاهر، يعيش اليوم أحفاد زنوبيا على امتداد حدود عارية متوارية متورمة بدمامل اللوعة والفجيعة، بعيدين عن موئل وحقل وزرع وضرع، متوحدين بالألم، مكلومين مشحونين بالقسم، يتحرون حل المعضلة من هنا وهناك لعل وعسى، تصحو الضمائر بعد المهزلة، ولكن لا حل غير حل العراء الذي يلف الصغار والكبار ببرد الشتاء، ونار الاكتواء بالظمأ وعدم الكلأ، وأشياء أخرى لم تخطر على بال الذين أسكرتهم الكراسي وتناسوا أن الموت جشعاً وطمعاً وهلعاً، أشد مضاضة من موت الجيف. هنا في هذا الموقع على الحدود السورية الأردنية يبزغ هلال الإمارات، يطل بطلعته البهية والأيادي السخية والقلوب الندية، متفانياً من أجل رفع الضيم، وقشع الغيم، والوقوف إلى جانب اخوة في الدم، أشقاء في التراب، وإنقاذهم من شرور الحاجة ومرارة الفقدان، وقساوة دموع الضعف، هنا يبزغ هلال الخير ملبياً نداء الإنسانية، مستجيباً بكل ضراعة لمن رفعوا الأيادي قائلين: اللهم ارفع غضبك عنا، اللهم ارحمنا وارحم ضعفنا وشتاتنا، وظلم ذوي القربى عنا. هنا يبزغ هلال المودة مزملاً بعلم الإمارات، إمارات زايد الخير، وخليفة العطاء، وبصمت الأوفياء يبادر ويباشر فرسان الإمارات عملهم الدؤوب في بث الفرحة، ونث السعادة في قلوب المتعبين ليقولوا لهم لستم وحدكم، ولن تظلوا وحدكم، فهنا الإمارات، هنا أرض الخيرات، تلاحق الظلم أينما كان لتكسره وتقهره، من أجل أن تعيش البشرية في أمن وأمان، وسعادة واطمئنان، ومن أجل أن يؤم ويعم الدنيا بأسرها السلام والوئام، وأن نزرع الأحلام الوردية في طريق كل إنسان، ولا صلاح للوجود من دون التكاتف والتآلف وجمع شمل الناس أجمعين على سطر الكلمات المنعمة بالأمل، والشفاه المفعمة بالنبل، هنا يبزغ هلال الإمارات ببياض قلوب المحبين ورياض نفوس المخلصين، وحياض الذين أسسوا الحياة على أعمدة الصدق والإخلاص والمحبة بلا تفريق أو تمزيق، محبة الجنس البشري بألوانه وأديانه وأعراقه وأطيافه.
هنا على حدود سوريا - الأردن طائر الإمارات النبيل يرفرف بأجنحة الرحمة، ويغرد بالنشيد الكوني، ويسرد بالقصيد الإنساني، يمجد الإنسان أينما كان، ويقصد القاصي والداني بجميل الفعل والإحسان، هنا على حدود سوريا - الأردن، حيث الهاربون من الظلم إلى الظلمات، وجدوا ضالتهم في بزوغ الهلال لنير الطريق، يطفئ شيئاً من الحريق، ويقف عن قرب يعاون ويساند ويساهم في كسر شوكة الأسى، ويواسي من فقد الابن أو الأب أو الأم أو الشقيق، ويقف حائلاً من دون المزيد من المعاناة والكلف والتلف، وما سببه ضيق النفوس وحلكة الصدور. الهلال الأحمر الإماراتي حرف الضاد الذي يحفظ ويحافظ على هوية الكائن البشري لقيمته وقامته على أديم الأرض.


marafea@emi.ae