اختتم منذ أيام واحد من أهم المهرجانات الثقافية والتراثية بالمنطقة ككل، بل ومن أعرقها، إنه مهرجان الجنادرية الذي تقيمه المملكة العربية السعودية كل عام في مثل هذا الوقت من السنة، وهو وقت الربيع، حيث يكون الطقس معتدلاً في المنطقة، ويمكن للجميع أن يستمتع بالفعاليات الكثيرة والمشوقة التي يتم الإعداد لها، وبالطبع اختيار التوقيت من أهم عوامل نجاح المهرجانات. أثناء زيارتي للمهرجان هذا العام، شعرت بسعادة غامرة نظراً لما شاهدته من إقبال كبير جداً خاصة من الفئات العمرية الشابة، والتي كان نادراً ما نجد في مثل هذه المهرجانات الثقافية إقبالاً من هذه الفئات العمرية نظراً لعدم اهتمامهم سابقاً بها. ولكننا اليوم عندما نشاهد أن الإقبال من الشباب فاق باقي الفئات العمرية نشعر بالفخر، لأن الشباب هو من سيتولى الحفاظ على ثقافتنا وتراثنا في المراحل القادمة، وهذا يعني أيضاً نجاح القائمين على صناعة السياحة والثقافة في التوعية المباشرة والجيدة لهذه الفئة العمرية والتي تعتبر عماد المجتمع. يعتبر مهرجان الجنادرية الذي يتم عقده كل عام مناسبة تاريخية قومية في مجال الثقافة والتراث، وإحياء التقاليد والقيم العربية الأصيلة، فهذا المهرجان هو موضع اهتمام للمنطقة ككل فتجد الزائرين من مختلف الدول العربية بالمنطقة، وتجد المشاركات من جميع الهيئات السياحية في هذا الحدث الكبير، فالجميع يعلم الهدف الأساسي الذي من أجله تم إطلاق هذا المهرجان منذ سنوات عدة، وهو الإبقاء والمحافظة على الموروث الوطني والهوية العربية من أجل الأجيال القادمة. يشهد مهرجان الجنادرية كل عام كم هائل من الفعاليات، الثقافية، والفنية، التراثية، ومن الأولويات دائماً في المهرجان هو إبراز التراث الشعبي والمتمثل في الصناعات اليدوية والحرف التقليدية بهدف ربطها بواقع حاضرنا المعاصر والمحافظة عليها، وقد كانت للإسهامات المجتمعية أكبر الأثر في نجاح المهرجان هذا العام، وتعتبر هذه الإسهامات دعماً مجتمعياً للثقافة والتراث وإحياء العادات والتقاليد العربية والمحافظة عليها. وقد شهد المهرجان هذا العام في دورته السابعة والعشرين إقبالاً لا مثيل له حيث وصل عدد الزوار ما يفوق السبعة ملايين زائر على مدار الفعاليات كلها، وذلك إضافة إلى المشاركات من مختلف الدول العربية بمنطقة الخليج، وظهر التكاتف الملحوظ الذي تم بين الهيئات السياحية في المنطقة من أجل إنجاح المهرجان في دورته الحالية، وهذا نابع بالطبع من الإصرار الذي أصبح لدينا من الحفاظ على هويتنا العربية وتراثنا الأصيل من عوامل التعرية الثقافية التي كادت أن تصيبه، ولكن طالما كان هناك هذا التكاتف فسوف نتمكن من تسليم تراثنا وثقافتنا العربية إلى أبنائنا وشبابنا لاستكمال مسيرة الحفاظ عليهم وصونهم، وأنا أطلب من القائمين على صناعة السياحة والثقافة في منطقتنا العربية المحافظة على تراثنا المتبقي، والذي ورثناه من أجدادنا. وحياكم الله.. إبراهيم الذهلي | رئيس تحرير مجلة أسفار السياحية a_thahli@hotmail.com