حين يقول أبو الطيب المتنبي: ''وما التأنيث لاسم الشمس عيبٌ ولا التذكير فخرٌ للهلالِ'' فمعنى ذلك، أنه ضمناً، يناقش فكرة سابقة، عن سيادة الذكر، وفخر الذكورة، ودونية التأنيث وعيب الأنثى··· وإلا فلماذا يريد أبو الطيب أن ينفي ويثبت، ويقول بيتاً في الشعر، هو مؤسس على معادلة في المنطق، لو لم يكن يرغب في دحض فكرة سائدة مغلوطة، حول أفضلية الذكور على الإناث، بمنطق طالما أسس الشاعر عليه أبياته في الحكمة والفخر والمديح والهجاء؟ وحين أكمل وقال: ''ولو كان النساء كمن ذكرنا لفضلت النساء على الرجالِ'' فقد شرط تفضيل النساء على الرجال بشرط·· لأن القاعدة تفضيل الرجال على النساء· جا في لسان العرب للإمام العلامة ابن منظور: ''رجل ذَكَر إذا كان قوياً شجاعاً أَنِفاً أبيّاً··· ومطر ذَكَر شديد وابل····· وقول ذَكَر صُلْبٌ متين''· ''وزعم ابن الأعرابي أن المرأة سميت أنثى للينها'' ويقال ''بلد أنيث أي سهل لين، ومكان أنيث إذا أسرع نبتُهُ''··· فاللغة العربية في ما تحمله من دلالة حضارية ومعالم أساسية في النشوء والتطور والعمران، قرنت الذكورة بالقسوة والأنوثة باللين··· وفي ذلك ما فيه من تفوق المتوحش على المتمدن، وربط اللغة المتعلقة بالتذكير والتأنيث بالاجتياح والغزو· يقال: فَتحَ البلاد واغتصب الأرض·· كما أنه ورد في الذكر الحكيم ''نساؤكم حَرْثٌ لكم، فأتوا حرثكم أنّى شئتم''·· فهنا لغة مشتركة ذات دلالات إيروتيكية أكيدة· وحيث قالت العرب رجل ذكر ومطر ذكر وقول ذكر·· وبلد أنيث ومكان أنيث··· الخ، فإن بالإمكان اليوم، ومع تطور علم النص والدلالة، واستناداً إلى الألسنية الحديثة، تسمية نص إبداعي من النصوص بأنه نصّ ذكر، أو كما يرتئي الدكتور خليل الموسى ''نصّ فحل''··· كما في الإمكان تسمية نص إبداعي آخر ''النص الأنيث'' أو ''المؤنث'' ولن يضير ذلك النص شيئاً· بقي علينا بعد أن عثرنا على المصطلح، أن نسأل أين هو هذا النص أو ذاك؟ تلك هي المسألة··· إذ قد نعثر على الكثير من النصوص المشتركة·· فكيف نسميها؟