قصر جميل يتمتع بتميز العلو والزخرفة الفنية الرائعة، والصورة الخلابة لذلك البياض الثلجي الناصع الذي يدثرنا بدفء المكان، رغم ما يتدنى من مؤشر درجة الحرارة إلى تحت الصفر، ورغم ما ينثال من أشجار الغابة على رؤوس المارة من بقايا الثلوج المتساقطة، إلا هذا لا يثني عن مواصلة التدرج نحو القمة الشاهقة، والتي تشارف على مدينة «فوسين» المتعانقة مع بحيرتها النادرة والمتأصلة بالخيال وفلسفة الطبيعة الساحرة، التي لا تعرف سوى الهدوء أمام تجلي هذا التموج الفريد ما بين الطبيعة والتاريخ وقمم جبال الألب، تلك الحكاية الأسطورية لكل ما يحدث من جمالية راقية، جعلتنا نتوقف عند هذه الملاحم الثقافية والملامح الشتوية، ورغم انجلاء الشتاء، ما زال البياض يدثر الأرض بثوبه الخيالي، ولا زالت ملامح المدينة تخبو تحت الثلج وتظهر حين البياض يذوب في الممرات ليشكل نهيرات صغيرة. سحر هذه المدينة يكمن في قلاعها الجميلة المتناغمة مع الطبيعة والعلم والثقافة، ومما جعلها تاريخياً من أهم المدن في صناعة الساعات والآلات الموسيقية في الماضي، وهذا ما يجذب السياح من أجل الاستشراف على ما سبق، ولا زالت تفد إليها الأفواج السياحية من أقطار العالم كافة، يتقدمهم الصينيون الذين باتوا يهيمنون على السياحة في العالم، وعلى النحو الآخر كأن السياحة الشتوية باتت لا تقل عن رديفتها الصيفية، مما صدفنا بالزحام البشري ونحن نقترب من قلعة «نيو شفان شتاين». سحر هذه القلعة يعود إلى موجدها الملك «لودفيج الثاني»، الذي استلهم من صديقه الموسيقار «ريتشارد» نظريته الثقافية ورؤيته الحياتية، في ترجمة هذا المعمار الجميل، فعهد بالعمل للمصمم «كريستيان يانك» الذي أبدع تصميماً لا مثيل له، وجلب التحف وتشكيل الزوايا المطلة على جبال الألب وقت الشتاء، والنوافير والمكتبات وطراز من الثريات النادرة، مما يوحي بالأفكار الراقية التي تنم عن إبداع حقيقي وظاهر للعيان. وينعكس ذلك فيما استوحاه الملك لها من الأسماء الجميلة «اوبرا فاغنر» «فارس البجع»، أو يعرف باسم «قصر الحسناء النائمة»، ورغم اعتناء الملك الشاب بكل التفاصيل المعنية بالقلعة، إلا أنه لم يعش فيها سوى أشهر قليلة، ويقول الدليل السياحي عنه، إن الملك رغم نفيه وموته الغامض في القرن التاسع عشر، إلا أنه ترك إرثاً تاريخياً يضاف إلى هذه المدينة التي تعتبر من رموز «بافاريا» المقاطعة الأجمل في سائر ألمانيا. Hareb.AlDhaheri@alittihad.ae