يغيظني جداً، وأشعر بالأسى عندما أشاهد سائق سيارة لا تسعه الأرض بما رحبت، فيصعد على الرصيف، ويظل يسحق عجلات سيارته على الانتر لوك، حتى يبيد عظامه، ويقضي على أشلائه، ثم يأخذ نفساً ويعيد الكرّة في مكان آخر، وكأن هناك توصية من جهة ما طلبت من هذا السائق أن يقوم بهذا الفعل الشيطاني العبثي الذي لا يخدم إلا أغراضاً نفسية في ذات الشخص.

فهذا الرصيف المعد، والمجهز والذي صرفت لأجله الدولة مبالغ طائلة وجد لأجل أن يكون حاجزاً ضد التجاوزات وقد هيئ بأسلوب جمالي، رائع ينبغي على كل ذي عقل وبصيرة أن يفتخر به وأن يبذل الجهد للحفاظ عليه، لأنه ثروة من ثروات البلد، أستفيد منه أنا، وأنت، وهو. ومن يقوم بفعل تدميري تخريبي هو إنسان عدواني مريض، يستحق العقاب والحساب، ولكن للأسف أن مثل هذه الأفعال تتم في غياب عين الرقيب، ولنقل بصراحة إنه لا يمكن مراقبة من يريد أن يلغي ضميره، ويهرب به إلى حيث تشويه الجميل، وتسويف النبيل، والعبث بكل ما هو حق عام لا يجب التعدي عليه.

حقيقة مثل هذه التصرفات نشاهدها في كل يوم، وبخاصة بجوار المحال التجارية أو المدارس، فهذه الأماكن يسطو عليها هؤلاء ويحتلون أماكن واسعة ويعيثون فساداً وإفساداً في أي مكان يَحلُون فيه.. أفراد لا يحتفظون بذرة من الضمير، وطالما المال ليس مالهم، فلا يهمهم في أن يفسدوه، وأن يشوهوا وجهه بأقصى حدود التشويه.. حقيقة بالنسبة لي لو أني أملك سلطة قرار معاقبة مثل هؤلاء لما توانيت لحظة لأنها تصرفات تثير الألم في النفس، وتؤكد أن بعض الأشخاص لا يستحقون أن يعيشوا إلا في زرائب، وخرائب لأنهم أناس لا يعرفون قيمة الجمال، أو لم يتعودوا على مجاورته، وبالتالي فهم يشعرون بالضيق والضجر عندما تصادفهم حديقة تتغنى بأنغام الزهور، أو مكان عام مرتب ومهذب، وهؤلاء أشخاص يستفزهم الجمال غضباً وشططاً، ولا يستطيعون الصمود أمام مظهره البديع، فلذلك يقومون بتصرفات حمقاء وعصبية ولا تستريح ضمائرهم إلا عندما يعبثون بشجرة، أو يكسرون رصيفاً، أو يخربون مكاناً عاماً، هؤلاء الأشخاص لم يتعودوا على الحب، ولم يشعروا بطعم السعادة في وجود الأشياء المنسجمة من أجل التماهي بنظام الكون البديع.. هؤلاء الأشخاص يعيشون خارج التاريخ والجغرافيا، لذلك وجب إعادتهم إلى نظام الطبيعة باتخاذ الأساليب الرادعة، المانعة لأي زلل.


marafea@emi.ae