يدخل القطاع العقاري عامه الجديد 2014 وهو في حالة تتسم بقدر كبير من الإيجابية والتفاؤل، ويبدو جلياً أن هذا القطاع الذي عانى الكثير منذ بدأت شرارة الأزمة المالية العالمية، قد استعاد عافيته وبدأ دورة جديدة من النشاط سواء فيما يخص أسعار العقارات الآخذة في التحسن، أو العائد على الاستثمار العقاري طويل الأجل المتمثل بالتأجير. فالسنوات الماضية شهدت تدنياً كبيراً في العائد السنوي على الاستثمار العقاري، وصل إلى نحو 3% في بعض الفترات وتحديداً في العام 2011، لكنه عاد إلى التحسن بصورة متواصلة حتى وصل إلى نحو 9% خلال العام المنصرم 2013، وهي نسبة جيدة بالنسبة للاستثمار العقاري في أسواق العالم المختلفة. الاستثمار العقاري يتجه نحو مستقبل أفضل، فبالرغم من أن سنوات «الأزمة» خلفت آثاراً قاسية على المستثمرين، لكنها كانت في الوقت ذاته فرصة لتصحيح الكثير من نقاط الضعف سواء فيما يتعلق بالتشريعات القانونية المنظمة لهذا النوع من الاستثمار، أو فيما يخص بعقلية المطورين والمستثمرين العقاريين، التي كانت تنظر إلى العوائد السريعة القائمة على المضاربات بصورة أساسية، فالمستثمرون أصبحوا أكثر عقلانية من ذي قبل، كما أن البيئة التشريعية أصبحت أفضل وتمت معالجة الكثير من الثغرات بها.وفي ظل هذا الوضع الإيجابي يبقى من المهم أن يحافظ المستثمرون على هذه «العقلانية»، فالاستثمار العقاري يبقى وجهاً من أوجه الاستثمار، وجزءا من اقتصاد الدولة، لكن ينبغي أن يظل ضمن حجمه الطبيعي والمعقول، فخروجه عن هذا الحجم يترك أضراراً على الاقتصاد الكلي، ومثلما أن تراجع هذا القطاع بشكل كبير يخلف سلبيات على المستثمرين، فإن ارتفاعه بصورة مبالغ فيها يخلف أضراراً أخرى تبدأ بشريحة المستأجرين ثم تنعكس على معدلات التضخم، قبل أن تصل في النهاية إلى المستثمرين العقاريين أنفسهم، نتيجة أي خلل قد يحدث في المنظومة الاقتصادية. ينبغي ونحن ندخل عامنا الجديد أن نكون أكثر عقلانية، فالارتفاع في أسعار الإيجارات الذي بلغ نحو 50% في بعض مناطق الدولة خلال العام الماضي، يدفعنا لإثارة تساؤلات عن مدى قدرة المستثمرين على الاحتفاظ بالعقلانية وعدم الاندفاع والانجرار وراء المبالغة في تحقيق المكاسب، صحيح أن الأسعار انخفضت بصورة كبيرة خلال السنوات الماضية ولا بد من تعويض هذا الانخفاض، ولكن من الضروري المحافظة على ذلك الخيط الرفيع الذي يفصل بين النمو السليم والصحي للقطاع، وبين الارتفاعات والقفزات التي تقوم على الطمع في تحقيق المزيد من المكاسب، والتي تؤثر سلباً على المدى البعيد. ورغم ذلك، فإن وضع القطاع العقاري حالياً يختلف عما كان عليه في سنوات سابقة، فهناك وفرة في المعروض من الوحدات السكنية والتجارية في مختلف مناطق الدولة، وهو ما يعني أن حدوث قفزات كبيرة في الأسعار أمر مستبعد في الفترات القريبة القادمة، ولكن من المهم أن نرى عجلة طرح المشاريع العقارية تدور مجدداً، فالسوق سيكون بحاجة إلى المزيد من الوحدات العقارية خلال السنوات المقبلة، وهو أمر يجب التحرك لتحقيقه منذ الآن، خصوصاً في ظل المؤشرات الإيجابية للأداء الاقتصادي بشكل عام. hussain.alhamadi@admedia.ae