كنت قد قررت - أنا وصديقتي - السفر إلى إسطنبول مطلع السنة الجديدة 2016، اشترينا التذاكر وطلبنا من أصدقاء لنا في تركيا حجز فندق اعتدنا النزول فيه، ويقع قريباً من ميدان تقسيم الشهير، كما اتفقنا مع شركة تأجير سيارات لتوفير سيارة بسائقها، ولم يتبق سوى حزم الحقيبة والتحليق بعيداً إلى هناك، كنا متحمستين جداً لقضاء أيام شتائية مختلفة في مدينة نحبها كلتانا، وقد أعددنا برنامجاً حافلاً للرحلة ! في الليلة التي سبقت السفر، كنت ما زلت تحت وطأة الضيق الذي سيطر عليّ نتيجة حريق فندق العنوان، كما أن أعراض نزلة برد حادة اجتاحت جسدي، فقررت بلا تردد أن ألغي الرحلة.. ليلاً أجريت اتصالاً بشركة الطيران وألغيت الرحلة، وكذلك بقية الحجوزات، في الصباح كانت الأخبار تتوالى عن عاصفة ثلجية تضرب تركيا وتغلق الشوارع، وان مطار أتاتورك أعلن إلغاء الرحلات الداخلية!! للظروف تصاريف عجيبة، وردات أفعالنا التي نتعجب منها أو يستغربها البعض، تتصل أحياناً بنقاط استقبال غير مرئية في المكان والزمن، لا أقول إننا نعلم الغيب، لكن الغيب الذي يقع في اللامرئي مكانياً، يرسل لنا بعض إرهاصاته سراً دون أن ندري لأسباب نجهلها، ومع ذلك نعرف لاحقاً أن ما بكينا وما غضبنا وحزنا لأنه فاتنا أو لم نحصل عليه، قد فاتنا لحكمة ورحمة تأجل كشفها لنعرف اتساع الرحمة التي تحيط بنا ولنتيقن أنه رغم محدودية قدراتنا البشرية المادية، إلا أن مراكز استقبال خفية في داخلنا علينا أن نؤمن بها، إنها تلك القوى الخفية التي تتلامس مع طاقة الكون أو سر الكون لتنقذنا أحياناً أو تقودنا للأفضل دائماً ! لقد اعتدنا بحكم إيماننا وتربيتنا الدينية وتسليمنا بالقضاء والقدر أن نقول في مواقف مشابهة (قدر الله وما شاء فعل) أو (عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم)، خاصة في الظروف التي نعرف فيها أن امتناعنا عن الذهاب لمكان بعينه أو الحصول على مركز سعينا له أو الارتباط بشخص محدد وفي اللحظة الأخيرة، قد جلب لنا منفعة على الرغم من أن ظاهره كان شقاء وألماً وحرماناً! بالعودة لحديث الرحلة الملغاة إلى إسطنبول، فإن يوم أمس الأول الاثنين، وبحسب جدول الرحلة، كان يفترض بنا أن نكون في منطقة السلطان أحمد، حيث المسجد الشهير وآيا صوفيا وحلقات الرقص الصوفي وقصر السلطان سليمان، وغير ذلك مما خططنا للمرور به، ولكن قدر الله ولم نذهب، البارحة صباحاً جاءت الأخبار من تركيا بحدوث انفجار كبير أدى لأضرار كبيرة في منطقة السلطان أحمد في اليوم والمكان نفسيهما، فاللهم لك الحمد !