من الطبيعي ألا نحب الأزمات.. أزمة يعني مشكلة، لكن أن يصادف مَن قدرهم الجو الحار يوماً ممطراً فهذا أمر جيد، لذا لم أمنع نفسي من الفرح وأنا أقرأ عن أزمة في تذاكر مباراة الأردن وسوريا المقررة غداً في المجموعة الثانية ببطولة الأمم الآسيوية.. الجماهير أزمة دورينا، وأن تصبح كثرتها هي المشكلة، فالطبيعي أن تكون تلك أزمة «سعيدة»، على الأقل بالنسبة لي.
بيان الاتحاد الأردني لكرة القدم، برأ ساحة اللجنة المنظمة والاتحاد الآسيوي، وشرح باستفاضة كيفية سير الأمور، وألقى باللائمة على الجمهور الذي لم يتعامل جيداً مع الآلية، كما أعلن الاتحاد رفضه بشكل قاطع التعامل مع ما يسمى «السوق السوداء»، وعلى الرغم من أنني موقن أنه لا توجد لدينا سوق سوداء ولا «رمادية»- إلا إذا كان ذلك يحدث عبر الإنترنت وفي مدارات بعيدة عنا- غير أن هذا الوصف أيضاً أسعدني، فهو انعكاس لنجاح البطولة، وهو توصيف يرضي العطشى مثلنا.. يروينا ونحن الذين تشكو مدرجاتنا الهجران معظم مباريات الدوري.
بالطبع يحسب هذا الأمر للجاليات التي تحرص على متابعة منتخباتها، وترى في حضورها حضوراً للأوطان، وقد يرى البعض أن هذا الأمر لا يعكس أي شيء بالنسبة لجمهورنا، ولكن هذا منافٍ للصواب، فأحياناً تترك البطولات إرثاً يمكن أن يستمر أو يفتح الباب نحو تغيير يتحقق، كما أن نجاح البطولة يمثل مهمتنا الأولى، وامتلاء المدرجات بالجماهير، أولى علامات هذا النجاح، إضافة إلى ما يحققه هذا الزخم من فوائد في مجالات أخرى.
حتى الآن، يبدو الحضور الجماهيري لا بأس به، والمباراة الافتتاحية للبطولة شهدها قرابة 34 ألف متفرج، وبالإضافة إلى «الأبيض» صاحب الأرض، تمتلك معظم المنتخبات الآسيوية جاليات كبيرة بإمكانها أن تملأ المدرجات، في مقدمتها جميع المنتخبات العربية، ومن المنتخبات الآسيوية الأخرى هناك الفلبين والهند.
حققت البطولة الماضية في أستراليا حضوراً جماهيرياً لافتاً، فقد شهدها حتى نهاية الدور ربع النهائي، قرابة نصف مليون متفرج، ومع زيادة أعداد المنتخبات للمرة الأولى في النسخة الحالية، نتطلع إلى تحقيق رقم، يعزز من نجاح البطولة، وهو أمر لن نعول فيه على أنصار الضيوف وحدهم، فنحن أولى ببطولتنا ومساندتها.
ولا شك أن صعود «الأبيض» إلى الأدوار المتقدمة سيعزز هذا الطموح، وسيصب في خانة الحضور الجماهيري، وقياساً بما نراه في الملعب حتى الآن، لا سيما فوز الأردن على أستراليا، وتعادل فلسطين مع سوريا، والفرصة المهيأة أمام معظم المنتخبات العربية للمضي إلى أبعد نقطة ممكنة، كلها عوامل تدفع الجماهير إلى صناعة رقم يليق ببطولة على أرضنا، توافرت لها كل عناصر الكمال والإبهار والاستثناء.

** كلمة أخيرة:
المدرجات ملعب آخر.. لا مجال فيه للخسارة إلا إن أردنا