عندما تهدأ الأمواج، يصفو البحر، ويصبح الماء كسجادة من حرير.
عندما تتوقف العواصف عن الضجيج، تبدو السماء قماشة ملساء منعمة بالرهافة، ويصبح المطر مثل رضاب حلو ينضح من شفاه رقيقة.
عندما تخفف الشمس من زئير اللظى، تبدو الأرض واحة تزخر برفاهية العشب القشيب.
عندما يبرز القمر في الوجود كطبق مزخرف بالضياء، يحدق في الوجود كعيني حسناء ترتع بثراء الجلال.
عندما تمر الأبواق من حول الإنسان، ودون أن تحرك في داخله ساكناً، يكون سعيداً، وعندما يغادر الإنسان منطقة الضجيج، دون أن ترجفه الهزات، والرجات، والنكبات، والكبوات، والهفوات، يصبح سعيداً، عندما يقف الإنسان على رصيف مزدحم بالعجيج، ولا يلتفت إلى صياح الديكة يصير مثل وردة تخبئ وريقاتها بين الأغصان، كي لا تفقد عطرها.
عندما يتأمل الإنسان المشهد البشري في حياد تام، ولا يرف له جفن، ولا تطرف له لواعج، يكون كجناح طير على غصن غض، عندما يرى الإنسان حملقة الآخر وحماقته، مجرد ضباب صباحي، يزول ساعة بروز الشمس، يكون سعيداً.
تخطي الصعاب من أولويات النفس المطمئنة، وتجاوز العقبات، من بدهيات القلب النقي، وتفادي الوقوع في نفق الخزن، من مبادئ الطبيعة الحرة، والوعي بأن الأحلام الزاهية، لا تكتب أول كلمة في السعادة، من فطرة الإنسان المتجدد.
في هدوء الداخل، صفحات بيضاء لا يخربش بياضها عبث الضجيج، وفي سكينة النفس، شلال ماء يغسل أدران الجبال الرمادية، وفي انسجام الأنا مع المحيط، تبدأ الحياة في حياكة قميص الحفلات المبهجة، ويغادر الكدر منطقة الوعي، ويصبح الإنسان طبيعة خلابة تزخر بالزهور، وأطياف الطير المغرد على الأيك الرفيع.
كلما لمعت العينان بوميض الهدوء، اتشح الوعي بواقعية التعاطي مع المواقف، كلما افترشت السعادة سجادتها، واتكأت على أريكة الحياة، وامتلك الإنسان الوجود من كل أطرافه، وأصبح مثل الغيمة الممطرة، أصبح العقل الصافي الذي تحدث عنه كانط، وأصبح المسافة الندية ما بين الرمش، والرمش.
عندما يتوَّغل الضجيج في داخلك، تصبح أنت في وسط الحريق سعفة يأكلها اللهب، تصبح أنت ملاءة قديمة تقضمها ألسنة النار، تصبح أنت بعد حين من الزمن رماداً، تصبح لا شيء.
فكن خارج الضجيج، كن في قلب الوجود زعنفة في الماء الصافي، كن رفرفة الطير في نسق النهار، في حضرة النسيم.
كن في وعيك، وأنت تشهد تصادم المتضادات تكن في الحياة سعيداً.