لا يعرف قيمة النوم إلا من زرع الوجد بين جفنيه السهر، ففي مواسم الحب يتربع هذا المهاجر بالعقل والواقع على عروش اللا منطق، مبرراً سيطرته على مملكة النوم. ولي مع النوم والسهر قصة، فكثيرون يعتقدون أن النوم له ند يدعى السهر، وهناك فريقٌ آخر يعتقد أن «النوم سلطان» لا يُرفض له أمر، وكنت مع الساهرين عندما قلت: «لابأس سموني دياية جان تبون.. أنا من تستوي الساعة عشر ونص يقصون عني الكهربا»، فضحكت على عبارتي إحدى الشقيات البالغات، وقالت: «زادة ما تفتحين فيديوات الواتس آب اللي أطرش لك إياها لين عقب الدوام»، فقلت لها بتحدٍ: «هناك من لا يخاف ربه ويشختر في فضاءات الإنترنت أثناء الدوام الرسمي.. لا يصح ذلك فهو إهدار لساعات العطاء ومضيعة للوقت وما يطعمه أهله من راتبه هذا يُعتبر سماً وحراماً»، وصرت أسأل نفسي ترى لماذا يستهتر البعض بقيمة العمل وهو بالنسبة لي عبادة.. وشكرت ربي على أن شمس الإمارات قرضت برمضائها قدمي ذات يوم، فذلك يزيد من تشبث أبناء جيلي بمعاناة الآباء والأجداد والحفاظ على المكتسبات ورد الجميل. وقصتي مع النوم تتوافق مع مقولة أحد الحكماء «الوقت حليفك والاندفاع عدوك»، فالنوم الذي أعرفه لا يأتي إلا في الليل، وفي شهر رمضان المبارك لا يأتي لا في النهار ولا في الليل. ولكني سهرت ذات ليلة بعد أن أقنعتني إحدى الصديقات لأشاهد الحلقة الأخيرة من «أراب آيدل»، وندمت على ذلك، فخسارة الوقت هي من أكبر الخسائر وأعظمها. وأذكر أن قلت للصغار عندما انتصفت الشمس سماء ذات يومٍ صيفي حار: «أهيعوا والا بتيكم حمارة القايلة»، فرد علي أصغرهم: «وليش حمارة القايلة عيل ما تي عند عيال الإنجلير المسدحين على البحر»، فأجابت التساؤل أكبرهم: «يالذكي.. حمارة القايلة تي الصغارية اللي في البيوت وبو درياه يزخ اللي على البحر.. مب صح خالوة عموة»، فقلت بعد إدراكي لتصنيف الموروث بين سيد البحر وربة المنزل: «واضعفة البخت...انتي زقريني صح وعقب بنرمس أحين أخت الأبو خالوة والاعموة؟»، فقالت بذكاء: «أنتي تزقرين أمي خويوة وأبويه أخوك»، فزجرت الجميع: «يا لله رقاد... ما ابغي حد يتنصخ» فقال آخرهم: «يوم بنش بتودينا الدكان وإلا الشيشة؟» فرحت من قلبي لاستخداماتهم الصحيحة للمفردات العامية، وأنهم يتطلعون ليسرٍ بعد تلك القيلولة والمكافأة بزيارة الدكان لشراء المنتجات الصينية الرخيصة، فمخصص كل واحد منهم 10 دراهم، ورحلوا مع النوم وأحلام الدكان وبضاعته الرخيصة في أذهانهم ووفيت بوعدي! للعارفين أقول، يقول عمر الخيام في رباعياته المشهورة «فما أطال النومُ عمراً.. ولا قصّر في الأعمار طول السهر»، والسهر هو تأخر النوم والله لا يجيب الأرق لأنه عدو الآدمية.