إذا كنتم تريدون أن تدركوا حقاً، ماذا يعني المنتخب، فمباراة سوريا وفلسطين عبرت عن ذلك.. فقد كان هذا المشهد أكبر دليل على مكانة الرياضة وتأثيرها في حياة الناس.. فكم من مغترب عاش بعيداً عن وطنه سنين طويلة منعته الظروف والأحداث من العودة، فعاش بعيداً، ولكن في داخله حنيناً وشوقاً لا يستطيع أي شاعر وصفه في سطور وأوراق، يبحث عن أي مشهد أو منظر يعطيه لو جزءاً بسيطاً من رائحة بلده، وبالأمس كان الموقف مهيباً.. جماهير سوريا وفلسطين التي عانت ويلات كثيرة كلنا نعرفها، كان الوطن حاضراً معهم على مستطيل أخضر، إعلام وشعارات وأهازيج وسلام وطني، ومنتخب جاء يمثل عبق وطنه ومشاعره في الإمارات، أطفال وأمهات وعجائز قد لا يعرفون كم لاعب يجب أن يكون في الملعب، ولكنهم جاؤوا من كل مدن الإمارات، كي يسمعوا نشيدهم ويرفعوا علمهم، ويتجمعوا مع كل أبناء جلدتهم، ويعبروا عن حنينهم لتراب بلادهم، فمن كان يسأل ويقلل من قيمة الكرة ورسالتها، عليه أن يسأل المرأة العجوز، أو الطفل الذي ربما لم يعش في وطنه يوماً، وأحد عليه أن يسألهم لماذا حضرتم إلى استاد الشارقة، أو استاد هزاع بن زايد، حين لعب منتخب الأردن؟!
ارتفعت رايات فلسطين، وكانت معها أعلام سوريا، وكأنه اعتراف علني وشعبي بعودتهما للساحة العالمية والقارية من جديد.. اعتراف أسمى وأرقى من كل خطابات بعض الساسة المنتفعين من شعوبهم.. سوريا عادت ومعها فلسطين للعلن من مستطيل أخضر، وعلى أرض السلام والتسامح، فكان المشهد خلاباً ومفرحاً!
هذه هي كرة القدم التي تفعل وتقدم ما يعجز عنه الكثيرون، وهذه هي الرياضة التي تشعل في قلوب الشعوب شموع الحياة بعد سنين من المعاناة.. عيشوا هذه اللحظة، واقتربوا من أوطانكم، من خلال منتخباتكم، وأنشدوا سلامكم وارفعوا أعلامكم، فليس هناك أغلى من الوطن ومن فيه.

كلمة أخيرة
الإمارات وطن الكل.. تجمع كل الشتات وتقدم الحب.