لا أحب المستشفيات ولا رائحتها ولا أجواءها غير أنك تذهب إليها أحيانا مجبراً لا بطلاً، وهكذا وجدتني ذلك اليوم أذهب بحثاً عن علاج لزكام وجد لدي مكاناً آمناً فلم يفارقني منذ فترة. قد تتحمل كل القرف في المستشفى الحكومي الناتج عن الزحام وعن الأجواء الكئيبة ولهجة الموظف المتعالية والانتظار غير المنطقي الناتج عن البطء المتعمد الذي يمارسه من يمارسه ربما لعدم وجود ضمير وأمانة وربما لأسباب أخرى، قد تتحمل كل ذلك لأنك تثق بأن التطور شمل كل القطاعات في البلاد، ولابد أنه شمل القطاع الصحي، فمن المؤكد أن لدينا أفضل المباني المجهزة بأحدث التسهيلات والمعدات والتجهيزات الطبية، وبالتأكيد لابد أن يكون لدينا أفضل الخبرات والمستشارين فتذهب إلى المستشفى وفي رأسك تلك الصورة المثالية، واضعاً في اعتبارك أنك على الأقل ستوفر على نفسك عناء مزاحمة العمال والآسيويين، فضلا عن انك ستوفر على نفسك دفع ما قيمته 50 بالمائة من فاتورة العلاج، فعلاجك هنا مجاني 100 بالمائة. غير أنك عندما تصل أخيراً إلى الطبيب تفاجأ بضعف الإمكانيات وبضعف مفعول الدواء وعدم توافره في كثير من الأحيان، بل إن الطبيب المعالج سينصحك بشراء الدواء الفلاني من الصيدلية الخاصة لأن العلاج غير متوافر في الصيدليات الحكومية. تذهب إلى المستشفى الخاص، تشعر كأنك انتقلت إلى عالم آخر، بدءاً من المعاملة والاحترام والاهتمام من قبل طاقم المستشفى ابتداء من البواب وحتى موظف الاستقبال والممرضة والطبيب وانتهاء بصالة الانتظار التي لا يسير فيها دورك بشكل منتظم فلا يدخل أحد قبلك لأنه يعرف موظفة الاستقبال أو يعرف الممرضة أو عامل التنظيف، لا تشعر بأنك تنتظر إلى الأبد، بل ولا تشعر بأنك أصلاً تجلس في بهو مستشفى، بل كأنك تجلس كأنك في بهو فندق أو مجلس محترم. قد تدفع أكثر من أجل الحصول على معاملة أفضل أو من أجل الحصول على علاج فعال وشاف حتى لو كان من أجل ظفر خنصرك المكسور، غير أن ما قد تستغربه أن يكون عليك أن تدفع أكثر من الآخرين فقط لأنك مواطن وفقط لأنك تحمل بطاقة (ثقة) وهي بالمناسبة لا تمنحك أي امتيازات، فالمرض ليس جزءاً من الرفاهية أو “البرستيج”، وهو ما دفعني للبحث في إمكانية الحصول على بطاقة ضمان بدلا منها فهي بلا شك أفضل لأنك ببطاقة (ضمان) تدفع فقط 15 بالمائة بينما قد تدفع 50 بالمائة من فاتورة العلاج فقط لأنك من أتباع أو أصحاب (ثقة) وليس لأنك تحصل على خدمات أفضل أو أكثر تميزاً. bewaice@gmail.com