“للنساء.. لا داعي للقلق من الرجوع للخلف نهائياً” هكذا كتبت الجملة في الإعلان الذي يروّج لما يسميه أصحابه “موقف السيارات الأذكى في العالم”، حين قرأت العبارة ضحكت قليلاً، وافقت قليلاً، وفكرت كثيراً ! ترى ما سبب الجزم الدائم بأن النساء لا يعرفن قيادة السيارات؟ كيف يحمل الجميع “نساءً ورجالاً” هذه الفكرة، ولمَ يصر البعض على أن أي شخص يسير في الطريق السريع ويستمتع بضغط الفرامل دون داع هو بالتأكيد: امرأة! سينبري الكثيرون للقول إن دفاعي عن قيادة النساء هو أمر طبيعي ما دمت امرأة منهن، لكني أيضاً من ضمن الجمهور الذي ينتقد كثيراً “سواقة الحريم” بل وأخاف كثيراً من أن أركب مع امرأة قبل أن أراها تقود سيارتها بأم عيني في الشارع. لكن ولأن قول الحق واجب، علينا أن نتحدث قليلا عن أسباب جهل النساء بالقيادة قياساً للشباب، وهذا التحليل هو من بنات أفكاري ومن تجربتي التي مررت بها وأنا أمخر عباب الشوارع كل يوم. يتعلم الفتى قيادة السيارة في عمر العاشرة على أبعد تقدير، بينما كثيرون “منهم إخوتي وأقاربي”، تعلموا قيادة السيارة في المزرعة بمجرد وصولهم لسن الثامنة، وبالطبع صدموا “الدرامات” و”عفدوا الأرصفة” بل إن بعضهم اقتحم سور المزرعة بقلب جامد، كل هذا حصل لهم في البدايات فقط، ثم صقلت المهارة حتى استغلوا نوم آبائهم عند القيلولة أو في هدوء الليل فقادوا السيارة لأماكن مجهولة ليُصدَم الأب عند تجديده للسيارة بمخالفات في مناطق لم ترها عيناه.. مساكين الآباء. بعد هذه المسيرة الرائعة التي خاضها الفتى يصل إلى السن التي تسمح له أمه فيه بالذهاب للمدرسة بسيارة المنزل، والتجول بين الدكاكين، وتوصيل الأخوات لبيت صديقاتهن. ثم وبعد عشرة أعوام من التمرس في القيادة بلا رخصة يقرر أخيراً الحصول على رخصة القيادة فيذهب للمدرسة لأسبوع ثم يؤدي أول اختبار “شارع” وينجح بكل تأكيد وإلا أصبح أضحوكة “الربع والفريج”. أما الفتاة المسكينة، فعليها أن تقنع العائلة الكريمة كلها فرداً فرداً لتتعلم القيادة بعد أن وصل عمرها 20 سنة، وتدخل لمدرسة القيادة لأسبوعين فقط، ثم تتلقفها مدربات القيادة لشهرين أو ثلاثة بحسب قدرتها وتمكنها من “التدفيش” بالسيارة، والغريب أنها لا تتعلم سوى السير للأمام بالسيارة وقليل من القواعد التي تمنعها من صدم السيارة المجاورة.تتعلم الفتاة لدى المدربة ما سيتم امتحانها فيه فقط بلا أي زيادة، وتحصل على الرخصة دون أن تعرف الرجوع للخلف بالسيارة ولا أن تقف في موقف “باركن” جانبي، وتقضي سنة كاملة أو أكثر وهي “تشحف” الأرصفة وتصطدم بالسيارات. “سواقة الحريم” الركيكة لا تعني تفوق الرجال، لكنها نتيجة أن حظ الشباب في تعلم القيادة أوفر بكثير من حظ الفتيات، وأي مقارنة بين الفتيات والشباب في القيادة ظالمة بالتأكيد. فتحية البلوشي