قد يستغرب من يزور الإمارات للمرة الأولى حين يتجول في مرافقها المختلفة ومواقعها التجارية والترفيهية والسياحية، من حالة التناغم والتجانس التي تجمع مختلف جنسيات العالم، تلك الجنسيات التي تتعايش مع بعضها في أجواء إيجابية، فالكل يعيش حياة طبيعية في مشهد قلما يشاهد في أي مكان بهذا العالم. وقد يتساءل من يزور بلادنا عما إذا كان أهل الإمارات يواجهون مشاكل في التعامل مع الملايين المنتمين إلى أنحاء العالم المختلفة، خصوصاً أنه لا توجد ظواهر تدل على هذه المشاكل، فالجميع يتواجد في ذات المواقع، والكل يتنقل بوسائل النقل الحديثة، وليس ثمة ضوضاء أو أصوات تتعالى بين الإماراتيين وغيرهم عند وجود أي خلاف أو مشكلة بسيطة في أي مكان، فكيف وصلنا إلى هذا الوضع؟ وإذا نظرنا بشكل أكثر دقة، سنجد أن الجنسيات الأجنبية تشكل النسبة الأكبر من سكان الدولة، وهو ما قد لا نجده في البلدان الأخرى التي تضم جنسيات مختلفة في شرق العالم أو غربه، ما يجعل حالة الإمارات فريدة وجديرة بالتوقف أمامها والتمعن في بعض تفاصيلها. لعل السر في «الحالة الإماراتية» يكمن في اجتماع عدد من العوامل، بعضها يخص الطبيعة الشخصية لأهل الإمارات، التي تتسم بالتسامح والألفة والانفتاح على الآخرين، وبعضها يخص البيئة التي رسختها هذه الشخصية الإماراتية، متمثلة في القيادة الرشيدة للدولة، من خلال إيجاد بيئة القانون والمساواة وتحقيق العدالة بين الجميع دون تمييز، وإتاحة الفرص أمام الكل وفقاً لآليات تضمن تحرك الجميع في بيئة منظمة ومتناغمة، وكل ذلك بناء على ضوابط مجتمعية تجمع بين الأصالة والحداثة في آن واحد. الإمارات وفرت بيئة جاذبة للجميع، وعملت على تحقيق الأمن للجميع، ورسخت مبادئ «احترام الجميع» لدى الجميع، وبالتالي أصبحت كل الجنسيات تتعايش ليس في بيئة صحية وآمنة فحسب، بل وفي بيئة جاذبة ومشجعة، وكلها أمور قلما توجد في أي بلد بالعالم. نعم «الحالة الإماراتية» فريدة من نوعها، فالكثير من البلدان الأجنبية المتقدمة، ورغم أنها تضم جنسيات مختلفة، إلا أن الكثير من الزائرين لها أو الطلبة الدارسين فيها يشعرون بالتفرقة في التعاملات اليومية، فبعض تلك الشعوب تنظر للآسيويين نظرة سلبية، وبعضها تنظر للعرب والمسلمين نظرة غير مشجعة، أما في الإمارات فإن المعيار الأول هو الاحترام، فمن قدمه قوبل بالمثل بغض النظر عن عرقه أو انتمائه، وهي الصفات والأخلاق المستمدة من ديننا الحنيف الذي يحث على التسامح والتعايش بين البشر. لا يمكن حصر تفاصيل «الحالة الإماراتية» في هذه الزاوية، ولكنني وجدت نفسي أكتب هذه الكلمات، وأنا أفكر في المميزات الكثيرة التي تمتلكها الإمارات، وهي تتنافس هذه الأيام على استضافة حدث دولي مهم وهو «إكسبو 2020»، فإلى جانب تكامل المقومات التي تمتلكها الدولة من بنى تحتية ومرافق وخدمات وإمكانات شاملة، ثمة جانب آخر يتمثل في هذا التناغم بين البشر من مختلف الأعراق والأجناس، وهو ما يعكسه شعار الإمارات لاستضافة الحدث الدولي، أفكر بكل ذلك ثم أقول: «من حق العالم أن يختار أيا من المنافسين، لكنه في الحقيقة لن يجد أفضل من الإمارات». hussain.alhamadi@admedia.ae