في الرأس نوم يتبخَّر، ودم يتخثَّر، وحلم يتضوَّر، وشريان يتهوَّر، ونبض يتوتَّر، ومشهد يتكسَّر، وخطوة تتعثَّر، وألم يتفطَّر، وأذى يتجذَّر، وحدث يتقهقر، وعويل يتسطَّر، ولوعة تتبعثر، وأشواق بلا مطر، وشيء ما غامض رابض، ناهض، ممرض، يساور ويناور، ويغامر ويكابر، ويجاهر، وينحر، ويفجر، ويغدر، ولا يحذر.
في الرأس، أسئلة بحجم الكذب في رؤوس الذين سخّروا الدين وسَخروا من الإسلام، وذهبوا بعيداً، يخوضون معارك الأوهام، مسيجين الأشياء بحروز ورقي ملفوفة بشعوذات وهرطقات، وخزعبلات، وتخرصات، وإرهاصات، وتوترات وحماقات، حتى غشيت عيونهم غاشية حروب داحس والغبراء، وما خلفته العصور القديمة والشعواء، واستباحوا وأباحوا كل المحرمات في سبيل محو آثار السيادة الوطنية للناس، ومن أجل تحقيق أهداف لا تخطر ببال عاقل رشيد، يفهم معنى الثوابت الوطنية ويعي دوره كإنسان، واجبه المقدس أن يحفظ الود والمبادئ السامية، وأولها الحفاظ على مكتسبات الوطن، والذود عنها، بالنفس والنفيس.
في الرأس أسئلة تبدو ككرات من نار، تتدحرج وتستدرج وتعج وتضج، وكلما وضعت علامة الاستفهام كان الجواب أن واقع أصحاب المجون والجنون، أشد فجاجة، ويبقى السؤال ممدوداً ممتداً في المدى المتمدد في الآفاق والأحداق، والأشواق، والأعماق، يبقى بحجم الجريمة النكراء، حين لا يكون الوطن في عيون الدهماء إلا صخرة يقف على رأسها معتد أثيم ليرفع الصوت عالياً منادياً، مراجع وهمية عدمية عبثية، سادية شعارها الموت لسنابل الحياة ومفاصل الوطن.
في الرأس، جوهر الماء، ومحور الأشياء، ولكن بعض الرؤوس أصبحت نبتة عابسة في الصحراء، لا نماء فيها ولا انتماء، هي شيء من الأشياء، المتآلفة الزائفة، المؤلفة من بقايا، ونوايا عصور ما قبل الحياة البشرية.
في الرأس أصل التكوين وبعض الرؤوس، مشغولة بالتلوين، والتخمين، والتضمين، وأحلام الليل، وما جاش في الخواطر، ساعة الغفوة، بعد كبوة إثر كبوة، وبعد جفوة إثر جفوة، وبعدما خسر الوعي كل خصائصه وبات أشبه بالسراب والأرض اليباب والمكان الخراب.
في الرأس مفردة بحجم الموجة العارمة التي أغرقت أفكار المهووسين، والمهلوسين، ومن في أذهانهم هذيان، الرمق الأخير، ومن في قلوبهم الشر المستطير، ومن يعيشون كنافخ الكير، يحرقون ويحترقون يكَسِّرون ويكشرون، يبعثرون ويتبعثرون، وكلما شاخت نار أشعلوا نيراناً لأنهم من نار وآدم من تراب.
في الرأس كسر وجمر، وحبر، وخَبرُ، في الرأس سطر وجملة، الجملة أن حبل الكذب قصير مهما امتدت حباله ونِباله، وأقواله وأهواله، ومن يخن الوطن يخن الله، والله لا يحب الخؤون.
في الرأس، طائر يحلق ويحدق ويغرق في النشيد، حماك الله ياوطن من كل حاقد حاسد، قوّال ورعديد.


marafea@emi.ae