خلال الساعات التي أعقبت هطول الصواريخ الأميركية على سوريا، أوضحت روسيا ألا نية لها في الرد بالمثل. وعلى أي حال، فإن موسكو ما زالت تسيطر على اتجاه الحرب إلى حد كبير. مسؤولون روس، من بينهم الرئيس فلاديمير بوتين، وصفوا الضربة بأنها عمل عدواني ضد دولة ذات سيادة نُفذ بذريعة هجوم كيمياوي مُدبّر. وفي مجلس الأمن الدولي، دعت روسيا العالم إلى التنديد بالولايات المتحدة؛ غير أنه كانت ثمة رسالة ثانية ضمنية مفادها أن صواريخ «كروز» القادمة لم تتجاوز الخط الذي قد يثير ردا عسكرياً ضد القوات الغربية. وبالمقابل، يبدو أن ضربات الائتلاف الغربي المحدودة لم تفعل شيئاً لتغيير الحقائق على الأرض. ذلك أن روسيا، التي تتفاوض مع إيران وتركيا بشكل رئيسي، ما زالت حريصة على صياغة تسوية سياسية في سوريا من شأنها تقوية موطئ قدم طويل الأمد لموسكو في الشرق الأوسط. أما الولايات المتحدة، وبالنظر إلى أن استراتيجية طويلة المدى للرئيس دونالد ترامب في سوريا ما زالت غير أكيدة، فقد تُركت لتكون لاعباً أقل تأثيراً. ويقول محللون إن تدخل بوتين في سوريا يندرج ضمن جهوده الرامية إلى تحويل روسيا إلى لاعب معروف بتأكيد مصالحه على صعيد عالمي، معتبرين أن تحذيرات روسيا الملحة على أن ضربة جوية أميركية يمكن أن تثير رداً روسياً – وسعي الولايات المتحدة الواضح لتجنب تهديد مصالح روسية في هجومها – تعكس تلك الاستراتيجية. فخلال الحرب الباردة، «لم يكن (الزعماء الأميركيون) يحبون الاتحاد السوفييتي، ولكنهم كانوا يحترموننا ويعاملون كشريك حقيقي»، يقول أندري كليموف، نائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الغرفة العليا للبرلمان الروسي في مقابلة معه، مضيفا «هذه النظرة التي تعتبر أن روسيا في حالة فوضى ما زالت موجودة؛ ولكن على المرء أن ينظر إلى الواقع». وعلى مدى الأسبوع الماضي، وصف مسؤولون موالون للكريملن ومحللون مستقلون ووسائل إعلام مؤيدة للدولة الوضعَ في سوريا بأنه لحظة خطرة جداً، مشيرين إلى أن الولايات المتحدة وروسيا لم يكونا قريبين من صدام عسكري مباشر لهذه الدرجة منذ عقود. والنتيجة، وفق أسوأ التنبؤات، كان يمكن أن تكون حربا عالمية جديدة. ولكن بعد الهجوم، سارعت وزارة الدفاع الروسية إلى الإعلان عن أنه لم يتم استخدام أي دفاعات جوية روسية ضد النيران القادمة، رغم أن الآلاف من الجنود الروس منتشرون عبر سوريا. وقالت وزارة الدفاع الروسية: «إن أي من صواريخ كروز لم تدخل منطقة أنظمة الدفاع الجوي الروسية». أنتون ترويانوفسكي: مدير مكتب صحيفة واشنطن بوست في موسكو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»