إذا صحت التقارير المتداولة في الآونة الأخيرة، فإن الرئيس دونالد ترامب يوشك على خوض مجازفة تتناقض مع ما اشتهر به. وإذا ما اختار، كما هو متوقع، «جيروم باول» ليكون الرئيس المقبل لمجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)، فإنه سيستقر بذلك على شخص عادي، يمكن توقع تصرفاته، وغير مثير للمتاعب، ويعمل بطريقة منهجية ولديه منهج فكري. غير أن المجازفة في تعيين «باول» هي أنه «شخص شديد العزوف عن المخاطر». ورغم أن المسؤولية الأولى التي تقع على عاتق رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» هي ألا يتسبب في أي ضرر، لكن المسؤولية الثانية هي اتخاذ قرارات صعبة وفي بعض الأحيان سريعة من أجل تولي دفة القيادة، حتى وإن كان الأمر ينطوي على بعض المخاطر. وسيكون اختيار «باول» مريحاً للنخبة في البنوك المركزية للولايات الأميركية. ورغم أن الأغلبية الساحقة من الموظفين والموظفين السابقين والمراقبين المعنيين يفضلون التجديد لـ«جانيت يلين» لفترة ثانية، وهو ما يمكن أن يعني بقاء خبيرة اقتصادية حائزة درجة الدكتوراه في المنصب، ومن ثم الحفاظ على تقليد ثمين بإبعاد اختيارات «الاحتياطي الفيدرالي» عن الحزبية، غير أن «باول»، الذي عمل لمدة 5 أعوام كمحافظ في «الاحتياطي الفيدرالي» في ظل رئاسة كل من «بين برنانكي» و«يلين»، هو الخيار الثاني للنخبة، ورغم أنه «جمهوري»، فإن باراك أوباما هو من عينه ابتداء. ورغم أنه محامٍ، فهو يحظى باحترام عام من قبل خبراء الاقتصاد الذين يهيمنون على ثقافة «الاحتياطي الاتحادي». والسؤال هو كيف سيدير «باول» التحديات التي تتطلب منه السمو فوق كل تلك الثقافة. وفي الأوقات العادية، يمكن لرئيس «الاحتياطي الفيدرالي» قبول تقييم الخبراء للاقتصاد، ورؤيتهم للمستوى الملائم لأسعار الفائدة، بيد أن هناك ثلاثة أنواع من التحديات تتطلب رئيساً أكثر نشاطاً هي: التهديدات السياسية التي يواجهها المجلس من الإدارة أو الكونجرس، ووجود أزمة مالية تتطلب قرارات سريعة بشأن الإعانات المالية، والمنعطفات الغريبة في الاقتصاد التي تجعل من النموذج الاقتصادي غير موثوق. سيباستيان مالابي باحث رفيع المستوى في الاقتصاد الدولي لدى مجلس العلاقات الخارجية الأميركي يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»