ركزت افتتاحية واشنطن بوست المعنونة فجوة المسؤولية والتي ظهرت في عددها الصادر بتاريخ 16 أكتوبر الجاري، على بعض المرشحين الديمقراطيين للرئاسة، ولكنها لم تتطرق لتناول فجوة المسؤولية الضخمة، التي نتجت عن عجز الرئيس بوش عن دفع نفقات الاحتلال في العراق بطريقة أمينة وصريحة· وإنني أتفق أنه بصرف النظر عن الموقف الذي يقفه أي شخص بشأن الحرب على العراق، فإن أمامنا جميعا الآن مسؤولية تتمثل في إقرار الأمن، والمساعدة على إعادة إعمار ذلك البلد· ولكن يجب علينا أيضا أن نعرف أن لدينا التزامات أخرى، تتمثل في التعامل بصراحة وشفافية مع الشعب الأميركي، ودفع نفقات جهودنا في العراق بطريقة مسؤولة· لقد اخفق الرئيس بوش سواء قبل الحرب أو بعدها، في تهيئة الشعب الأميركي لتقبل الأكلاف الحقيقية اللازمة لـ كسب معركة السلام· والآن فإننا نجد أن الرئيس يحاول التغطية على العواقب التي ترتبت على ذلك، بتحميل تلك الأكلاف على بند الدين الوطني، وهو ما يعني بدوره تحميل الميزانية بعجز هائل· ولعلنا سنندهش عندما نعرف أن كل بنس في مبلغ السبعة وثمانين بليون دولار الذي طلبه الرئيس، وكل بنس في مبلغ التسعة وستين بليون دولار الذي تم إنفاقه حتى الآن على حملة العراق هو في الحقيقة أموال مقترضة·
لقد طلب الرئيس بوش من كل فرد في الأمة دفع أي ثمن من أجل هزيمة الإرهاب واتقاء ويلاته·· ولكنه على ما يبدو كان يعني كل فرد في الأمة باستثناء الأميركيين الأكثر ثراء· ففي نفس الوقت الذي قام فيه الرئيس بوش بمطالبة جنودنا وعائلاتهم بتقديم أقصى ما يمكنهم تقديمه من تضحيات، فإنه قام كذلك بمنح الأميركيين الأكثر ثراء، والذين لا يزيد عددهم على واحد في المئة من إجمالي الشعب ،تخفيضات ضريبية هائلة· من الخطأ أن يطلب الرئيس من الجيل الأصغر سنا، بما في ذلك جنود قواتنا في العراق وأطفالهم تحمل العبء بمفردهم· لا يليق بنا أن نشن حرباً، ونسعى إلى تحقيق السلام باستخدام بطاقات الائتمان ، كي نوفر على الشرائح الأكثر ثراء مشقة دفع نصيبهم العادل في تلك الأكلاف· كذلك، توجد لدينا فجوة مسؤولية هائلة في حكومتنا· وهي فجوة بين هؤلاء الذين يدركون أننا نتحمل مسؤولية تحقيق الاستقرار والمساعدة في إعادة بناء العراق، وأننا مستعدون لدفع الأكلاف المرتبطة بذلك فورا، وبين هؤلاء الذين يطالبون جنودنا بالتضحية بحياتهم دون أن تتوافر لهم الشجاعة السياسية لمطالبة الأميركيين الأكثر ثراء بالتنازل عن جزء من التخفيضات الضريبية الهائلة للمساعدة في دفع نفقات جهودنا· فالرئيس يطلب من الشعب الأميركي أن يقوم باستثمار بلايين الدولارات من أمواله في بناء المدارس والمستشفيات ، وشق الطرق، وإقامة شبكات الكهرباء، ومنظومات الاتصال في العراق·· في الوقت الذي نعجز فيه نحن عن الوفاء بالتزاماتنا نحو أنفسنا في الوطن، وذلك عندما نجد أننا نعاني من عجز في مخصصات التعليم، والخدمات الصحية، والبنية الأساسية لقطاع النقل، وغيرها من الاحتياجات الداخلية الملحة·
صحيح أننا كأمة نتمتع بموارد هائلة، وصحيح أننا قادرون على الوفاء بأولوياتنا الداخلية ومسؤولياتنا الخارجية، ولكن يجب علينا أيضا أن نبدي استعدادا لدفع النفقات اللازمة لذلك· ففي العام الحالي، وعندما طالب الكثيرون منا بالتمويل الكامل لمشروع عدم ترك أي طفل دون تعليم ، فإن الرد علينا كان هو أنه لا توجد لدينا أمول لذلك، لأن التخفيضات الضريبية الهائلة التي منحها بوش للأميركيين الأكثر ثراء قد استهلكت أموالنا، وتسببت في عجز موازنتنا، وأننا يجب ألا نطالب بما من شأنه مفاقمة ذلك العجز· وعلى رغم أن الرئيس ليس لديه أي مخاوف فيما يتعلق بإدارة الميزانية بالعجز من أجل دفع النفقات المطلوبة للعراق ، فإنه سيقوم فيما بعد، وكما هو متوقع، بالإشارة لتلك العجوزات ذاتها باعتبارها السبب الذي يجعلنا غير قادرين على الوفاء بالالتزامات الخاصة بدفع نفقات تعليم أبنائنا· هذا تحديدا هو السبب الذي يدعونا للقول، إنه ما لم يتم إجبار الرئيس على تمويل جهودنا في العراق عن طريق تقليل التخفيضات الضريبية الممنوحة للأثرياء، فإن النتيجة الحتمية لذلك ستكون هي تخفيض الاستثمارات اللازمة لتمويل الأولويات المهمة هنا في الوطن·
إن رفض الرئيس دفع مبلغ السبعة وثمانين بليون دولار بطريقة مباشرة، ستؤدي إلى تقويض سعيه لمساعدة العراق من خلال المنح بدلا من القروض· إنني أتفق مع رأي الرئيس الخاص، بأن القروض ترسل رسالة خاطئة إلى الشعب العراقي والمجتمع الدولي، لأنها توفر وقودا للشكوك التي تنتاب البعض ومؤداها أن الولايات المتحدة مهتمة بتحقيق الأرباح أكثر من اهتمامها ببناء الديمقراطية في العراق، وهي الشكوك التي تجعل من الصعب على الولايات المتحدة أن تقوم بمطالبة الدول الأخرى بالتنازل عن الديون المستحقة لها على تلك الدولة· ولكن الرئيس ليس أمامه سوى أن يلوم نفسه على الدفع باتجاه الحصول على قروض· لماذا؟·· لأن الكثيرين من الأميركيين يتساءلون، هل يجب علينا أن نقترض من أطفالنا كي نقو