أعلن رئيس مجلس النواب الأميركي جون بينر اعتزامه التنحي عن منصبه بحلول نهاية أكتوبر الجاري، وهي خطوة ستقلص من احتمالات إغلاق الحكومة الفيدرالية، على اعتبار أن بينر، الذي لم يعد قلقاً بشأن الحفاظ على تماسك كتلته في المجلس، سيستطيع بكل بساطة تمرير اتفاق بمساعدة من الديمقراطيين. غير أنه على المدى الطويل، قد تنحو الأمور منحى خطيراً. لقد أمضى بينر سنوات وهو يحاول حشد دعم المتشددين الجمهوريين حول اتفاقات ممكنة سياسياً، مثل الموازنة والضرائب، وأعتقدُ أنه ضاق بهم ذرعاً، لذا فلو كنت مكانه لتنحيت مباشرة بعد أزمة رفع سقف الدين، لكن السؤال المقلق هو: ما التالي؟ هل سيرشح الجمهوريون في المجلس زعيماً يهوى خوض المعارك؟ الواقع أن هذا سيكون أمراً سيئاً للمؤسسات السياسية المتضررة أصلاً، كما أنه سيكون سيئاً للحزب الجمهوري نفسه، والذي مازال يبدي أعراض الإصابة باستراتيجية المساومة الرهيبة: «إذا طلبت النجوم، فستحصل على القمر». الفكرة من وراء هذا هي أن المرء سيرضى أخيراً بشيء يقع في منتصف الطريق بين ما يطلبه وما يطلبه الطرف الآخر. وبالتالي فالاستراتيجية الرابحة تتمثل في أن يطلب تنازلات هائلة، ويدرج مطالب غير واقعية كأوراق مساومة، ويُقنع الجانب الآخر بأنه مجنون بما يكفي لمغادرة المفاوضات إذا لم يُعقَد اتفاق. ربما يجدر بالجمهوريين انتخاب أحد ليجرّب ما كانوا يتوقون إليه: مقاربة حازمة وصارمة لا تهتم بالسعي للتوصل لتوافقات أو تقديم تنازلات. وحينئذ، سيجدون، على غرار اليونانيين، أن ذلك سيجعلهم أسوأ حالا، وليس أحسن حالا. أما إذا لم يستطع الجمهوريون استشراف ذلك وعجزوا عن التعلم من خطأ حزب سيريزا في اليونان، فالأرجح في تلك الحالة أنهم سيتعلمونه من هيلاري كلينتون عندما تصبح رئيسة لأميركا! ميجان ماك- آردل معلقة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»