يُعرف الإعلام المحلي بأنه إعلام يركز من خلال الوسائل المختلفة كالصحف والإذاعات وقنوات التلفزة على الشأن المحلي الداخلي ويُعنى بشكل رئيسي بتلبية الاحتياجات الإعلامية للمواطنين والمقيمين في مختلف المناطق داخل حدود الدولة. فهل قنواتنا الفضائية التي تحمل أسماء مدننا وإماراتنا يمكن وصفها بأنها وسائل إعلام محلية، أم أنها تميل أكثر إلى كونها إعلاماً عربياً عابراً للحدود؟ وإذا ما استعرضنا تاريخ نشأة وتطور إعلامنا المحلي وخاصة الإعلام التلفزيوني، فإن المنتج الإعلامي في بداياته كان ذا طابع محلي بشكل رئيسي، كون التلفزيونات المحلية نشأت منذ ما قبل قيام اتحاد الإمارات لتكون الركيزة الإعلامية التي تدعم المشروع الوحدوي. وطوال السنوات التي تلت الاتحاد، كانت التلفزيونات المحلية مهتمة بالجمهور المحلي، والرسالة الإعلامية موجهة أساساً إلى سكان الإمارات من مواطنين ومقيمين. وحتى البرامج غير المحلية والترفيهية من أفلام ومسلسلات كانت تُنتقى بما يتناسب مع أذواق الجمهور المحلي وهويته وقيمه. كما أن نشرات الأخبار كانت تبث لغرض تعريف المجتمع المحلي بما يدور حوله من أحداث وتطورات إقليمية ودولية. وكان الجمهور المحلي هو المستهدف من الرسالة الإعلامية المنبثقة من قنوات التلفزة المحلية. واستمر الأمر كذلك طوال فترة السبعينيات والثمانينيات حتى بداية التسعينيات، بدخولنا عصر الفضائيات وتحول بث القنوات من الأنظمة الأرضية إلى الأقمار الصناعية ومنها تُستقبل في المنازل عبر الأطباق اللاقطة وأجهزة الاستقبال. وكانت تلفزيوناتنا المحلية من بين القنوات العربية السبّاقة في التحول إلى البث الفضائي، مما وسع دائرة الجمهور ليتجاوز إطاره المحلي ليشمل الجمهور العربي عموماً وليس فقط من المحيط إلى الخليج، بل وأولئك الذين يعيشون في مختلف قارات العالم. وفي أواخر التسعينيات، دخلت قنواتنا التلفزيونية وتحديداً قناتا دبي وأبوظبي في مرحلة المنافسة مع الفضائيات العربية الخاصة مثل «إم. بي. سي» وأيضاً قنوات «إل. بي. سي.» و«المستقبل» وغيرها، ولذلك عمدت القنوات المحلية إلى عرض منتج إعلامي قادر على المنافسة، ويصل إلى الجمهور العربي وليس فقط المحلي. ومن متطلبات المنافسة التركيز على الترفيه من برامج فنية ودراما وأفلام ومسلسلات مدبلجة وبرامج «التوك شو» والموضة والسينما والسياحة والمسابقات الجماهيرية بنسخها العربية المقلدة للأجنبية وغيرها من البرامج ذات الطابع الاجتماعي الترفيهي. وطوال السنوات التي تلت الألفية إلى يومنا هذا واصلت فضائياتنا المحلية في نهجها القائم على منافسة الفضائيات العربية الخاصة وهي التي أغرقت المشاهد العربي في إعلام الترفيه كون هذا الإعلام هو الأكثر تحقيقاً للأرباح وقدرة على جذب المعلنين. وعلى رغم سعي التلفزيونات المحلية لتخصيص قنوات أخرى ذات طابع محلي إلا أنها لا تحظى بنفس الاهتمام والدعم والميزانيات التي تخصص للقناة الرئيسية التي تخاطب الجمهور العربي. ولذلك، برزت في السنوات الأخيرة إشكالية هوية الإعلام المحلي، ويتساءل كثير من المهتمين فيما إذا كان هذا الإعلام «محلياً» بالفعل أم أنه غير ذلك لأنه معني أساساً بالجمهور خارج حدود الوطن بالرغم من أنها مؤسسات تتبع الحكومات المحلية وتعتمد في جزء كبير من ميزانياتها التشغيلية على المخصصات الحكومية. إن التطور الحاصل منذ سنوات في نشرات الأخبار المحلية بقنواتنا الفضائية أمر جدير بالإشادة، ولكن المطلوب من التلفزيونات المحلية ليس فقط نشرات أخبار عن الوطن، وإنما هناك حاجة أيضاً إلى الاهتمام بزيادة المحتوى البرامجي المحلي زخماً وابتكاراً ونوعية، بما يلبي جميع الاحتياجات المعرفية والثقافية والاجتماعية وحتى الترفيهية للجمهور المحلي.