يبدأ الدكتور نبيل الطويل كتابه "المشردون في الأرض... غالبية مسلمة" بمقدمة ينقل فيها عن الأستاذ محمد السماك قوله: إنه "بعد انتهاء الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفييتي وانحلال حلف وارسو جرى تصعيد متعمد للعدوانية الغربية ضد الإسلام حتى إن معهد بروكنجز (أحد أكبر مراكز الدراسات الاستراتيجية في أميركا) يقول إن حلف شمال الأطلسي سوف يعيش وإن الغرب سيبقى مجموعة دول لها قيم أساسية مشتركة، وستبقى هذه المجموعة متماسكة معاً من خلال الشعور بخطر خارجي من الفوضى أو التطرف الإسلامي". وينقل ما قاله هنري كيسنجر في المؤتمر السنوي لغرفة التجارة الدولية سنة 1990 من أن: "الجبهة الجديدة التي على الغرب مواجهتها هي العالم العربي الإسلامي باعتبار هذا العالم هو العدو الجديد للغرب". كما ينقل عن وزير خارجية إيطاليا جياني دي ميكيلس (كان وزير خارجية إيطاليا سنة 1990) قوله، رداً على سؤال وجهته إليه مندوبة مجلة نيوزويك الأميركية، عن سر احتياج أوروبا لحلف شمال الأطلسي بعد زوال الخطر الشيوعي أنه قال لها: "باستطاعتك تصور أن المواجهة بين الشيوعية ودول السوق الحرة يمكن أن تحل محلها مواجهة بين الغرب والعالم الإسلامي".
أما المستشرق اليهودي (برنارد لويس) فقد أعد دراسة لوزارة الدفاع الأميركية، نُشِرَتْ أجزاء منها سنة 1980، ذهب فيها إلى أن المنطقة الممتدة من باكستان إلى المغرب ستبقى في حالة اضطراب إلى أن يُعاد النظر في الخريطة السياسية لدولها لأن حدود هذه الدول تجاهلت انتشار القبائل والقوميات والطريقة الوحيدة لتحقيق استقرار وعلاقة جيدة مع الغرب هي إعادة النظر في الخريطة السياسية لهذه المنطقة استجابة لتطلعات كل أقلية إلى دولة أو حكم ذاتي". ويصف محمد السماك هذا التوجه بأنه يحقق الأمن الاستراتيجي لإسرائيل الذي تذكر دراسة رسمية استراتيجية إسرائيلية مهمة صدرت في سنة 1980 أيضاً أن "الثابت الوحيد الذي يمكن أن يحقق الأمن الإسرائيلي على المدى الطويل وبثبات هو ضرب الخصم من الداخل وتقسيمه إلى دويلات عرقية وطائفية".
يقول الدكتور نبيل الطويل إن "ظاهرة تشريد المسلمين المتنامي هي أولاً وقبل كل شيء آخر نتيجة مآسٍ إنسانية لها جذورها وعوامل مسبباتها في السياسة الدولية والإقليمية والمحلية... كما لها جذورها التاريخية في حروب وأحقاد ومصالح فردية وهوى حكام ظالمين وشهوات مادية لا تنتمي إلى رسالات السماء ودعوات الأنبياء. فإذا تساءل البعض ببراءة لماذا أركز البحث على المشردين المسلمين فقط فإن الجواب على هذا السؤال (حسن النية) بديهي: لأن غالبية المشردين في العالم اليوم هم من المسلمين. كما أن المقولات والدراسات الاستراتيجية الغربية تؤكد أنه ليس مصادفة أن يتزايد ضرب الوحدة الوطنية في كل الأقطار الإسلامية، وليس مصادفة أن تجري إثارة الخلافات بين الدول العربية ودول الجوار الإسلامية غير العربية مثل تركيا (حول مياه الفرات) والسنغال (حول حوض نهر السنغال) وإثيوبيا (حول إريتريا) وتشاد (حول الحدود مع ليبيا)....الخ. ويمكننا نحن أن نضيف الآن وبين مصر وجيرانها من دول إفريقيا (حول مياه النيل) وبين السودان ودول جواره الإفريقي (حول مياه النيل والصراعات القبيلة المفتعلة) لأنه في لعبة الأمم لا يوجد مكان للمصادفة. فكل شيء بحساب. ولكل خطوة اتجاه. ولكل حركة ثمن" كما يقول محمد السماك في دراسته التي ينقل عنها الدكتور نبيل الطويل.
لقد كانت التصريحات والدراسات الأوروبية التي أشار إلى قليل جداً منها الدكتور نبيل الطويل تعود إلى أكثر من عشرين سنة، في بعض الحالات، ومن عشر سنوات في حالات أخرى، سابقة على انهيار برجي التجارة في نيويورك الذي نسب إلى الإرهاب الإسلامي!! فهل كان القوم يتوقعون ذلك الإرهاب وحوادثه فاستعدوا له باستعداء قياداتهم السياسية وتحضير قواهم العسكرية لمواجهة العالم العربي الإسلامي كما يقول كيسنجر؟؟
عند ما ينقلنا نبيل الطويل إلى أعداد المشردين المسلمين نجد أول ما نجد أن هناك أكثر من سبعة ملايين فلسطيني شرِّدوا أصلاً منذ عام 1948، غالبيتهم تعيش في المخيمات في فلسطين ولبنان وسوريا والأردن، ولعل هذا أكبر رقم للاجئين والنازحين من شعب واحد، ولعل زمن لجوئهم هو أطول أزمنة اللجوء امتداداً منذ قرون.
وينقل الدكتور نبيل الطويل أن عدد اللاجئين في العالم المسجلين رسمياً سنة 2001 كان 14.9 مليون لاجئ وكان عدد النازحين داخل أوطانهم أكثر من 22 مليوناً من البشر. والمسلمون يشكلون من هذه الأرقام نسبة لا تقل عن 80%!
في سنة 1998 كانت أرقام المشردين داخل أوطانهم في بعض البلاد الإسلامية، لأسباب مختلفة أهمها الحروب الداخلية والدولية وحملات التطهير العرقي أو الطائفي أو الديني والكوارث الطبيعية على النحو الآتي: في بنجلاديش نحو مليون من البشر، في باكستان ربع مليون، في الصومال 350 ألفاً، في نيجيريا مليون ومائتين وسبعين ألفاً، في مالي 110 آلافً، في موريتانيا مائتي ألف، في أفغانستان مليون وأربعمائة وخمسين ألفاً (هذا