قمت بعدة زيارات إلى أفغانستان، وليس لديّ شك حول النظرة المشتركة التي يوليها المجتمع الدولي للمهمة التي أمامه هناك، كما ليس هناك شك بأن الغالبية العظمى من الشعب الأفغاني يرفضون حركة "طالبان" والتكتيك الوحشي الذي ينفذه أتباعها. لقد عانت أفغانستان من ثلاثين عاماً من اليأس والصراع، ومازالت من أكثر الدول فقراً وأقلها تطوراً على وجه البسيطة. لكن بريطانيا وشركاءها الدوليين عازمون على ضمان ألا تنزلق أفغانستان مرة أخرى إلى الوراء وتقع تحت سيطرة نظام يثير الرهبة والخوف في قلوب شعبه. نريد أن نرى أفغانستان وهي تعود للوقوف على أرجلها كبلد مستقل وديموقراطي يكون مسؤولاً عن أفعاله. إننا متواجدون في أفغانستان ضمن جهود تبذلها دول متعددة، وبموجب تكليف من الأمم المتحدة، وبدعوة من الحكومة الأفغانية، وتدعم وجودنا غالبية الشعب الأفغاني. وبينما لم تستطع الصعوبات كسر عزيمة المجتمع الدولي، إلا أنه أصبح من الصعوبة بمكان، وبشكل متزايد، توفير القوات والسبل المالية لإتمام مهمة طويلة وشاقة في أفغانستان. لكن يتعين علينا البقاء هناك حتى إنجاز مهمتنا. يتولى البريطانيون والكنديون والهولنديون في الجنوب، والعديدون غيرهم في جميع أنحاء البلاد، دوراً عسكرياً كان في البداية يقع بشكل غير متناسب على عاتق الولايات المتحدة. يجب أن يكون هناك هدف استراتيجي أساسي واحد في كل ما نفعله: دعم حكومة الرئيس حامد كارزاي المنتخبة ديموقراطياً باعتبارها القوة الوحيدة في أفغانستان التي تتمتع بسلطة سيادية ولديها قوة الدولة. إن معالجة مشكلة تجارة الخشخاش لم يكن لها أبداً أن تكون مهمة سهلة، واستراتيجية مكافحة المخدرات التي تنفذها الحكومة الأفغانية ليست استراتيجية "غبية وتأتي بنتائج عكسية"، كما أن هذه السياسة ليست "جامدة"، بل إنها تبقى دائماً قيد المراجعة مع الحكومة الأفغانية ومع شركائنا الدوليين. وتشير الأرقام الصادرة عن الأمم المتحدة مؤخراً إلى حدوث تقدم حقيقي في انخفاض أو استقرار الزراعة بالمناطق التي تقع شمال ووسط أفغانستان التي توجد بها مؤسسات فعالة ويُطبق بها القانون وتتوفر بها سبل بديلة للمعيشة. وفي العام الماضي كانت هناك ست من بين 34 مقاطعة في أفغانستان تخلو تماماً من زراعة الخشخاش؛ ونتوقع أن يرتفع هذا العدد في العام الحالي إلى الضعف. لكن مازال هناك أمامنا سبيل طويل، وخصوصاً في مقاطعة هيلمند. لهذا السبب فقد أعلنا عن مجموعة جديدة من المبادرات، بما في ذلك المساهمة بمبلغ 22.5 مليون جنيه إسترليني لقوات الأمن الأفغانية للمساعدة في إحباط عمليات مهربي المخدرات وإضعاف علاقاتهم بالمتمردين، وتقديم مزيد من الدعم للعدالة الجنائية، والقضاء على المخدرات بشكل أفضل، وتقديم 3.6 مليون دولار من المملكة المتحدة لتوفير مزيد من الحوافز للمحافظين للعمل تجاه خفض زراعة الحشيش في مقاطعاتهم. إن معالجة هذه التحديات لن تكون سريعة أو سهلة. فمن المحتمل أن يستغرق إحراز تقدم بهذا الصدد عقوداً من الزمان، لكنها مهمة يجب القيام بها. فالنجاح في أفغانستان أمر يعنينا في بريطانيا، ويعني شركاءنا الدوليين، والأهم من ذلك هو أمر يعني الشعب الأفغاني نفسه. د. كيم هاولز ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية