أفاد الموضوع الرئيسي لصحيفة "نيويورك تايمز" في عطلة نهاية الأسبوع الماضي أن وزير الدفاع دونالد رامسفيلد بعث قبل يومين من استقالته بمذكرة سرية إلى البيت الأبيض يُقر فيها بفشل الاستراتيجية التي تتبناها الإدارة الحالية تجاه العراق. وسرعان ما أكد البنتاغون صحة هذه الرسالة السرية. وقبل ذلك، تحدث موضوع رئيسي آخر في الصحيفة نفسها عن رسالة سرية بعث بها مستشار الأمن القومي ستيفان هادلي إلى الرئيس جورج بوش، يعرب له فيها عن شكوكه حول قدرة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي على كبح جماح العنف الطائفي. وسواء كان التسريب مقصوداً أم لا، فالمؤكد أنه تسبب للرئيس بوش في حرج كبير، وهو الذي كان يستعد وقتها للالتقاء بالمالكي في الأردن. ولم يستطع البيت الأبيض نكران الوثيقة؛ في حين قامت صحيفة "نيويورك تايمز" بنشر نص الرسالة. وقد وصف "هادلي" التسريب على شاشة التلفزيون مؤخراً بـ"الأمر الفظيع"، و"غير المرخص له"؛ إلا أنه رفض توضيح ما إن كان قد تم فتح تحقيق بشأنه. والواقع أن تسريباً للوثائق السرية بهذا الحجم كان من شأنه في الظروف العادية أن يفجر عمليات تحقيق ضخمة من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي" بحثاً عن المسربين والتسريبات؛ فقد كان معظم الرؤساء يستاءون كثيراً من التسريبات التي تحدث داخل الإدارة، والتي كثيراً ما كانت تكبل أيديهم في أوقات حرجة، فمن المعروف عن الرئيس ريغان مثلاً قوله إنه ضاق ذرعاً بالتسريبات. واللافت أن تسريب معلومات سياسية أصبح أمراً روتينياً تقريباً في الآونة الأخيرة؛ غير أن التحقيق حول هذه التسريبات أمر نادر جداً. ولعل أطول تحقيق حول قضية تسريب في الآونة الأخيرة هو البحث الطويل الذي قام به الادعاء للكشف عن هوية ضابط استخبارات سري يعمل في وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إي"، ليتطور الأمر إلى تحقيق في شهادة الزور وعرقلة العدالة بدلاً من التحقيق في القضية الأم. أما الشخص الوحيد الذي زج به في السجن حتى الآن، فهو الصحافية السابقة في صحيفة نيويورك تايمز "جوديث ميلر". وتتخذ الإدارة أحياناً بعض التدابير لتوجيه تعليمات إلى المسؤولين بخصوص تسريب وثائق سرية. وهكذا، يُرغم موظفو "سي آي إي" على إجراء اختبارات كشف الكذب، كما تحذر وزارة العدل من المتابعة القضائية تحت قانون التجسس. والحال أن تحذيرات من هذا القبيل لا يبدو أنها موجهة لمسؤولين رفيعي المستوى من طينة هادلي ورامسفيلد. ولإضفاء طابع السرية على الوثائق، توفر الأنظمة الحكومية حالياً مستويات مختلفة من السرية من مثل "سري" و"سري للغاية". وربما يكون الوقت قد حان لتقديم مستوى آخر هو "سري مفتوح". دانيل شور ــــــــــــــــــــــــــــ محلل سياسي أميركي ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"