ـ في كتاب الصف الأول الابتدائي -في مصر- جاء ذكر المحافظة على البيئة، ضمن الدروس التي يستفيدها التلاميذ من تعلِّم الإسلام أربع مرات· ولا اعتراض لي على تعلِّم المحافظة على البيئة، وأعلم أن في الآيات القرآنية والأحاديث الصحيحة ذخيرة طيبة لتعليم هذا الدرس بطريقة مباشرة ومثيرة، أيضاً، للصغار·
فلو علمنا الصغار أن النبي (صلى الله عليه وسلم) نهى عن قطع شجر مكة والمدينة، ولو علمناهم أنه أمر بإماطة الأذى عن الطريق، وأنه نهى عن قضاء حاجة الإنسان في الماء الراكد، وعن الاغتسال فيه -عندما يكون ثمَّ موجب للغسل- ونهى عن مثل ذلك في الظل الذي يتفيؤه الناس (أعني عن قضاء الحاجة فيه) ونهى عن قطع الشجر والنخيل في الحرب··· لو علمنا الصغار ذلك وأمثاله لعلمناهم صوراً من السلوك الحضاري النافع لهم ولمجتمعاتهم، ولقَوَّمنا فيهم كثيراً من السلبيات التي تطبع حياة الناس من حولهم، وتنتقل بالتقليد إليهم، ولجمعنا إلى هذين الأثرين التعريف المباشر بحضِّ الإسلام على المحافظة على البيئة·
أما ما فعله الكتاب المدرسي فهو أنه حشَر عبارة (واحفظ النيل السعيد) في أحد الأناشيد السخيفة المطلوب من الصغار حفظها -وهي كفيلة وحدها بإفساد ذوقهم الفني واللغوي معاً- وبنى على هذه العبارة تعليم مسائل البيئة والمحافظة على ماء النيل(!)
وفعل مثل ذلك في عبارة تتعلق بنظافة المدرسة، وفي سؤال لا معنى له هو (من خلق الهواء الذي نتنفسه؟) في درس عنوانه (الله خالق كل شيء)· وجعل المحافظة على البيئة أحد الدروس المستفادة من قصة أصحاب الفيل، وهي لا شأن لها بمسألة البيئة من قريب ولا بعيد، وقد أجهدت نفسي لأجد صلة بينهما فلم أفلح (!)
ـ ولما أراد الكتاب المدرسي أن يعلِّم التلميذ حكمة الزكاة جعلها أن (يحب الفقير الغني)· ونسي أن للزكاة ما لا يحصى من الفوائد الاجتماعية والاقتصادية، بل نسي أن أداءَها في المقام الأول هو طاعة لله تعالى بأداء ركن من أركان الإسلام التي هي موضوع الدرس الذي وردت فيه الزكاة(!)
ولم يجد الدرس نفسه حكمة للصوم ولا سبباً لمشروعيته إلا أنه يجعل المسلم قوياً صحيحاً(!) ونسي أن يقول للتلميذ إن الصوم فريضة في الأديان كلها، ويعلِّمه بذلك وحدة الأصل الديني السماوي في الأديان كافة، وينقله من ذلك إلى وجوب تعاون أهل الإيمان مهما تباينت عقائدهم، وهو أولى من حَشْر كلمتي التسامح وحقوق الإنسان (مع تعليم أركان الإسلام) وكلمة الوحدة الوطنية ومحاربة التعصب في درس (زواج النبي)! ثم يعلمه أننا نؤدي الصوم طاعة لله أولاً، ثم تأتي فوائده التبعية بعد تحقق معنى الطاعة·
وجاءت الحكمة من الحج مقتصرة على أن المسلمين يتعارفون ويحب بعضهم بعضاً، ونسي الكتاب تعظيم البيت الحرام، وتعظيم شعائر الله وحرماته، والالتزام الصارم المطلوب من الحاج في المظهر والسلوك، وأثر ذلك كله في حياته الاجتماعية وما يكتسبه بمناسبته وبسببه من آداب تستمر معه -أو المفروض أن تستمر معه- بقية حياته·
وعندما أراد الكتاب المدرسي أن يشرح قول الله تعالى ـفأخرج به من الثمرات رزقاً لكم< اقتصر على ذكر شجر الفاكهة مرتين في درس واحد· ولست أدري أين ذهبت الخضروات والبقول وسائر الزروع التي ينتفع بها الإنسان والحيوان الذي يأكله الإنسان ويستخدمه· وهل يظن الكتاب أن التلامذة لا يأكلون إلا الفاكهة؟ وهل نسي كاتبوه أن في التلاميذ من يحول الفقر بين أهليهم وبين أن يطعموهم الفاكهة أصلاً؟
ـ وأورد الكتابُ السؤال عن كيفية شكر الله بلفظ (كيف نشكر الله) باستعمال نون الجماعة في كلمة نشكر· ثم جعل الإجابات كلها بألفاظ المفرد (أطيع) و (أحب) و(أعمل) و(أتعاون) وجاء في الإجابة الأخيرة وحدها، مرة ثانية، بنون الجمع فقال (نعيش كلنا في سلام وأمان)· والذي يتعلمه التلاميذ في دروس اللغة العربية أن الصيغة المستعملة في السؤال هي التي يجب أن تستعمل في الجواب، جمعاً كانت أم إفراداً· وأن غير ذلك يخل بالنظم والبلاغة ويجعل الكلام ركيكاً رديء الوقع على السمع! فكيف نسي الكتاب هذه المسألة البديهية؟!
ـ وجاء كتاب الصف الثاني بنشيد واحد، هو نشيد الشجرة، ولكنه أسقط حق المؤلف في أن ينسب إليه ما نظمه -مهما كان رأينا في حسن النظم أو سوئه- فلم يكتب للتلاميذ اسم مؤلف النشيد!
ـوأغفل شرح معنى كلمة (طغواها) من سورة الشمس، مع أنه شرح كلمات تبدو أقرب منها معنى وأسهل فهماً· ومعنى طغواها مجاوزتها الحد في العصيان، وهي اسم من الطغيان يعني مجاوزة الحد في المعصية· فهل تجنب المؤلفون ذكر كلمة (الطغيان) لكثرة ما نعاني منه في حياتنا اليومية؟ أم أنهم لم يريدوا إغضاب الطغاة -وهم كُثْرٌ- ورأوا السلامة والنجاة في عدم إغضابهم؟ وهل ذلك -أو غيره- يصلح سبباً لحرمان التلميذ من فهم كلام الله تعالى، أو لترك الأمر للمدرسين الذين يقول بعضهم لطلابه: ما ليس في الكتاب المقرر فليس مطلوباً منكم معرفته؟؟!
ـ وشرح الكتاب كلمة حنيفاً من قوله تعالى (ملة إبراهيم حنيفاً) بأنها تعني دين التوحيد· والصحيح أن الحنيف هو المائل عن ال