عندما صوت مجلس الوكالة الدولية للطاقة الذرية بفيينا، الذي يمثل 35 دولة على تحويل قضية إيران النووية إلى مجلس الأمن الدولي في وقت سابق من هذا الشهر، كانت هناك ثلاثة أصوات مهمة صوتت بالرفض على هذا القرار.
كان أحد هذه الأصوات هو صوت سوريا وهي دولة كان متوقعا منها أن تقوم بمساندة إيران.. أما الصوتان الآخران فكانا صوتي كوبا وفنزويلا وهما دولتان يحكمهما نظامان "يساريان" مناوئان لأميركا، كانت إيران قد أبدت اهتماماً خاصاً بتنمية العلاقات معهما. وهناك دولة ثالثة في أميركا اجتذبت اهتمام إيران أيضاً، وهي بوليفيا التي قامت مؤخرا بتنصيب رئيس يساري هو "إيفو موراليس".
وهذه الجهود هي على ما يفترض جزء من حملة إيرانية، لتقوية علاقتها مع الدول النامية، التي يمكن أن تقف إلى جانب إيران وهي تقوم بمناوأة الجهود الأميركية- الأوروبية الرامية، لإقناعها بإيقاف برنامجها النووي.
ويقول الرئيس الكوبي فيدل كاسترو والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إنهما يريدان إيقاف انتشار الأسلحة النووية، ولكنهما أكدا في الوقت نفسه على حق كل دولة في استخدام طاقتها النووية للأغراض السلمية.
ومن المعروف أن العلاقات بين كوبا وإيران كانت قد بدأت منذ عدة سنوات قبل صعود أحمدي نجاد إلى سدة الرئاسة. ويقول المراقبون إن إيران قد استفادت من محطة تشويش اليكتروني تقع خارج هافانا، كان يمكن لكوبا عن طريقها أن تقوم بإعاقة الإذاعات الموجهة إليها بواسطة "راديو مارتي" الذي تدعمه الولايات المتحدة. وعلى ما يبدو فإن إيران قد اعتمدت على الخبرة الكوبية في هذا المجال للتشويش على الإذاعة الأميركية الرسمية الموجهة إلى إيران.
أما الرئيس الفنزويلي "هوجو شافيز" فقد دافع عن حق إيران في تطوير طاقتها النووية، وأعلن أن إيران وفنزويلا هما "شقيقتان تناضلان من أجل عالم يسوده العدل". ويذكر أن فنزويلا قد تفاوضت مع إيران حول عدد من الاتفاقيات التجارية والاقتصادية. وقد أعربت إيران عن دعمها لزعماء الجناح "اليساري" في أميركا اللاتينية، وخصت بالذكر الحركة الاشتراكية التي يقودها "شافيز". ويذكر أن الرئيس الفنزويلي قد ألقى كلمة مؤخراً قال فيها إن "هتلر سيبدو مثل طفل رضيع بالمقارنة بجورج دبليو بوش" كما أصدر أمراً بطرد الملحق العسكري الأميركي بتهمة التجسس، وطلب من الشعب الفنزويلي أن يستعد لمواجهة غزو أميركي.
أما بوليفيا، فلم يكن لها فيما سبق علاقات قوية مع إيران مثل التي كانت لكل من كوبا وفنزويلا. ولكن رئيس بوليفيا الجديد "إيفو موراليس" تحدث مؤخراً مع الرئيس أحمدي نجاد بخصوص تشكيل اتحاد للطاقة بين إيران وفنزويلا وبوليفيا. وسيقوم هذا الاتحاد- إلى جانب أشياء أخرى- بتزويد بوليفيا بالخبرة المطلوبة التي يمكن أن تساعدها في حالة قيامها بتأميم صناعة النفط والغاز بها.
وفي الوقت الذي تتلهف فيه كوبا وفنزويلا وبوليفيا لتأسيس علاقات أقوى مع إيران، وإيجاد قضية مشتركة في تشجيع حالة الفوران السياسي "اليساري" في أميركا اللاتينية، فإن كل دولة منها تواجه مشاكل داخلية من نوع مختلف. فكوبا على سبيل المثال تعاني من مشاكل اقتصادية مستمرة وخصوصاً في مجال الحصول على ما تحتاج إليه من إمدادات الطاقة. وعلى الرغم من أن أرض كوبا تحتوي على البترول، فإنه من النوع الذي يحتوي على نسبة كبيرة من الكبريت الذي يلحق الضرر بماكينات توليد الطاقة الكهربائية. ونظراً لأن معظم تلك الماكينات منتهية الصلاحية في الأصل، فإن كوبا تعاني كثيراً من انقطاع التيار الكهربائي. ونتيجة لعدم قدرتها على بناء محطات توليد كهرباء جديدة فإن كاسترو وعد بحل المشكلة من خلال إنفاق 300 مليون دولار لشراء عدد يتراوح ما بين 2000 إلى 3000 محول كهربائي صغير الحجم من ألمانيا وكوريا الجنوبية.
وفيما يتعلق بفنزويلا، فإن أسعار البترول المرتفعة حالياً، تعني أن شافيز يحلق عالياً مع فقراء بلاده، الذين يعتبرون المستفيدين الرئيسيين من تحسين الخدمات الاجتماعية في حين أن الطبقة الوسطى في البلاد تشعر بالقلق وهي تشاهد الهجمات على المؤسسة تلو المؤسسة من تلك التي ترمز إلى الديمقراطية.