من المعروف تاريخياً أن تيمورلنك وصل إلى مرتبة رئيس وزراء، وأنه من سلالة جنكيز خان· وقد أعلن أنه سيستعيد إمبراطورية المغول السابقة، فقام باكتساح أراضٍ جديدة، وأخمد كل الاضطرابات الداخلية التي واجهته، ونهب كل ما غلا وخف ثقله ونقله إلى قصوره في سمرقند، بعد أن خلف وراءه دماراً هائلاً تمثل في الأكوام الكبيرة من بقايا الجماجم البشرية التي جمعها على شكل أهرام لتذكر الناس بانتصاراته التي شملت بلاد فارس، وبلاد الرافدين، وأرمينيا، وجورجيا، وروسيا، والهند التي ذبح جنوده أهلها، إضافة إلى ذبح 100 ألف جندي هندي وقعوا في الأسر· ودخل تيمورلنك إلى سوريا في عام 1401م، وذبح من سكان دمشق وحدها 20 ألفاً·
لا ريب في أن بين تيمورلنك وآرييل شارون فسحة زمنية هي أكثر من 705 أعوام، كما أن بينهما فسحة في الحروب التي شنها كل منهما، فثمة خيط واحد يجمع بين الرجلين، هذا الخيط هو النزعة المشتركة للدمار والتدمير· فقد كان تيمورلنك يقوم بحروب لم يهدف منها سوى إشباع رغبته تلك، ولم يخرج شارون عن منهج تيمورلنك هذا، فشن حروباً تحت راية الصهيونية وتنفيذ مشروعها، وقصد من وراء ذلك أن يحقق نزعته إلى القتل والتدمير اللذين حصرهما في الإنسان العربي والأرض العربية·
من المعروف أن شارون ولد يوم 27/12/،1928 وأنه قام بزيارته للحرم المقدسي في 29/9/2000 حيث نشبت انتفاضة الشعب الفلسطيني الثانية، وأنه انتخب يوم 7/2/2001 رئيساً للوزراء بعد أن أسقطت الانتفاضة الثانية سلفه إيهود باراك · ويوصف شارون بأنه عريق في إجرامه ودمويته، حتى أنها لا تحصى طوال الخمسين عاماً الماضية· وإذا كانت مذابحه في صبرا وشاتيلا لا تزال عالقة في الذهن، فإن مذابحه ضد الأسرى المصريين وغيرهم من العرب في حربي 1956 و1967 وفقاً لوثائق المؤرخين اليهود أنفسهم، قد فاقت 15 ألف قتيل، فلغة القتل والتدمير في مختلف مدن ومخيمات الضفة الغربية هي العنصر الأساسي في مشهد الحرب التي يشنها شارون على الشعب الفلسطيني· وقد عمدت القوات الإسرائيلية إلى استعمال هذه اللغة وحدها، ليس من أجل غرضي الإبادة والتدمير فحسب، وإنما أيضاً لبث الرعب والفزع في نفوس الشعب الفلسطيني، بهدف خلق حالة جماعية فلسطينية للنزوح خارج الوطن (ترانسفير) لأن شارون يظن أن إسرائيل يجب أن تمتد إلى ضفتي نهر الأردن·
إن شارون في أعماله الإبادية والإرهابية هذه، وبإيغاله في الإجرام والقتل والتدمير، لا يأتي بجديد، وإنما هو يواصل بذلك ما كان قد بدأه تيمورلنك وما كان قد بدأه أسلافه··· وهو منهم··· من إمعان في قتل الشعب الفلسطيني وتدمير وطنه وتخريب دياره، قبل قيام إسرائيل وبعده· هذا واضح في مذكرات قادة الصهيونية أمثال: جابوتنسكي، وبن غوريون، وبيغن، وديان، وشارون نفسه، وغيرهم كثير· إن اعتماد شارون في ائتلافه الحاكم على التنظيمات الحزبية اليمينية والعنصرية ذو مغزى·
وإذا كان شارون قد وجد معلمه النموذجي في التاريخ القديم، وهو تيمورلنك، فإن معلمه الذي عاصره، وهو فلاديمير جابوتنسكي (1880 ـ 1940) كان صهيونياً أصيلاً، فتبنى الأفكار الداروينية والنيتشوية والفاشية، وجعل دستور مريديه تهويد فلسطين·
ومن هنا اقتبس شارون دعواه بضم المملكة الأردنية إلى إسرائيل كجزء منها· وإذا كان شارون ينأى بنفسه عن ذكر تيمورلنك، فإنه لا يخفي تلمذته على يد جابوتنسكي الذي يقول بأن الله أنزل السيف والتوراة في وقت واحد· وشارون يؤمن بهذه المقولة·
وفي غزوه لبنان صيف عام 1982 صرح شارون بأن هدفه سيكون تحطيم منظمة التحرير الفلسطينية وتدمير بنيتها التحتية هناك حتى تغيب المواجهة العربية ويغيب معها التوسع السوفييتي، فطالب بضرب العرب وردعهم بإبقاء الأراضي الفلسطينية والسورية واللبنانية تحت الاحتلال الإسرائيلي ومواصلة ضم الأراضي والتوسع في إقامة المستعمرات الصهيونية عليها·
تتحمل الإدارة الأميركية الحالية القسم الأكبر من تشبه شارون بتيمورلنك، فقد أطلق جورج بوش الابن يد شارون لتبطش بالشعب الفلسطيني وأعطاه شيكاً على بياض حينما حاول شارون القضاء على انتفاضة الأقصى بذريعة محاربة الإرهاب!