تواظب دولة الإمارات العربية المتحدة على ريادتها في تأسيس الأعمال والشركات الناشئة، سواء كان أصحابها من المواطنين أو من دول الإقليم والعالم، وذلك لما لديها من محفزات ومزايا تسهّل تأسيس الشركات الناشئة، والتي تأتت بفضل رؤى القيادة الرشيدة في تحفيز الإبداع والابتكار، واعتماد استراتيجية وضعت دعم الشركات الناشئة في صدارة الأولويات، فأسهمت بتوفير بيئة الأعمال المثالية وحاضنات الأعمال، وبنية تحتية فائقة التطور، وحققت جاهزية شبكية متقدمة، وتشريعات تضمن حقوق الملكية الفكرية وتصون حقوق الأطراف ذات الصلة، فضلاً عن إقرار مجموعة برامج ومبادرات عملت على استقطاب المواهب في شتى المجالات، لتنال الدولة بذلك سمعة عالمية لسجلّها الحافل بالتجارب الناجحة في تأسيس الشركات الناشئة.
مؤخراً نالت دولة الإمارات المركز الأول إقليمياً من حيث إجمالي قيمة تمويلات الشركات الناشئة، التي وصلت إلى 418 مليون دولار، وذلك بحسب تقرير صادر عن منصة «ماغنيت» المتخصصة في الشركات الناشئة، الذي أكد أن دولة الإمارات تشكّل مركزاً مهماً لرأس المال المخاطر، وتمويل الشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتقرير آخر صدر عن السجل الوطني الاقتصادي التابع لوزارة الاقتصاد قال إن إجمالي عدد رخص الأنشطة الاقتصادية في دولة الإمارات ارتفع مع نهاية فبراير الماضي إلى 678 ألفاً و573 رخصة، بزيادة قدرها 2317 رخصة عن يناير، الأمر الذي يعكس تواصل النشاط في جميع القطاعات واستمرارية وتيرة نشاطها بنسب جيدة. كما أعلن السجل في ديسمبر الماضي، توثيق نحو 45 ألف رخصة اقتصادية جديدة جرى تسجيلها في جميع إمارات الدولة خلال الشهور الـ 11 الأولى من عام 2019، حيث يشير التقرير إلى نمو حركة نشاط التراخيص في الدولة بنسبة 8.3% منذ بداية العام الماضي مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2018.
هذه البيانات تظهر حرص دولة الإمارات على تشجيع الشركات الناشئة، التي باتت تتنامى بوتيرة سريعة، انطلاقاً من تحول الدولة عموماً وإمارة أبوظبي على وجه الخصوص، إلى وجهة مفضّلة لهذا النوع من الأعمال، وخاصة شركات التكنولوجيا الناشئة، ففي حوار صحفي، قال أحمد علوان، رئيس الاستراتيجية والتطوير المؤسسي لمنصة التكنولوجيا العالمية في أبوظبي«Hub71» المدعومة من برنامج «غداً 21»، وتقودها شركة «مبادلة للاستثمار»، إن عدد الشركات الناشئة المسجلة تحت مظلة المنصة حالياً، يصل إلى 39 شركة، برأسمال مجمع 367 مليون درهم، من 15 إلى 20 دولة حول العالم، وإن 20% من الشركات التي طلبت الانضمام إلى المنصة يقودها إماراتيون، 37% منهم سيدات أعمال، متوقعاً وصول عدد الشركات المُسجلة في المنصة إلى 100 مع نهاية العام 2020، الأمر الذي يدل على قدرة الإمارة على توفير شبكة عالمية تجمع شركات التقنية الناشئة، نظراً لما توفره المنصة من حزم تحفيزية، وشركاء تسريع أعمال عالميين، وشبكة من المستثمرين وصنّاع السياسات.
لقد تحولت دولة الإمارات إلى وجهة عالمية لرواد الأعمال والشركات الناشئة وأصبحت بيئة خصبة لولادة هذه الشركات، ونموذجاً ملهماً للمواهب ورواد الأعمال والشباب في الدولة والمنطقة والعالم، وذلك بفضل استراتيجياتها التي تقوم على استشراف مستقبل الأعمال بأدوات وأفكار مبتكرة، تسهم في تحقيق مستهدفاتها في التحول إلى عصر المعرفة، الذي يستند إلى قاعدة أساسية تقوم على التنويع الاقتصادي، وتحفيز القطاعات غير النفطية على الإسهام أكثر في ناتج الدولة الإجمالي، والذي لا يمكن تحقيقه إلا من خلال دعم الشركات الناشئة، لما لهذا القطاع من دور بالغ في توفير فرص ذهبية لمستقبل الشباب، وأثر إيجابي في مكافحة البطالة ونشر التعليم والمعرفة لتعزيز النهضة، التي تتحقق من خلال دعم الشركات الناشئة باعتبارها بيئة محفزة للابتكار والاستثمارات، ووسيلة مهمة للتأثير في رفاهية الناس واستقرار حياتهم.

عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية