الأسبوع الماضي، أظهرت بيانات جديدة أن اقتصاد منطقة اليورو عرف انتعاشاً مشجعاً في فبراير، حيث توسع النشاط في قطاع الخدمات بشكل قوي، بينما تباطأ القطاع الصناعي على نحو أقل مما كان متوقعا. غير أن الاضطرابات الناجمة عن تفشي فيروس كورونا الجديد تبدو على وشك أن تضرب شركات المنطقة بقوة، وخاصة في وقت تزداد فيه الإصابات خارج الصين.
واللافت أيضا أن البنك المركزي الأوروبي ووزراء مالية منطقة اليورو بدوا متفائلين على نحو غريب في الأسابيع الأخيرة، ولكن ذلك من المحتمل أن يتغير قريبا.
فوفق بيانات نشرت الجمعة، ارتفع «مؤشر مديري الشراء» - وهو مؤشر للنشاط الاقتصادي يحظى بمتابعة شديدة - إلى 51.6 في المئة هذا الشهر، فوق مستوى 50 الحاسم الذي يفصل بين التوسع والانكماش. كما ارتفع قطاع الخدمات إلى 52.8، من 52.5 في يناير. وبلغ قطاع الصناعة 49.1، وهو أعلى مستوى منذ عام.
هذه الأرقام المتفائلة أثارت تفاؤلاً بشأن إمكانية خروج منطقة اليورو من فترة تباطؤ في نهاية 2019. غير أن المشكلة هي أن هذه المؤشرات مربكة ومشوشة على نحو غير عادي. ذلك أن مؤشرات مديري الشراء تتضمن عدداً من القياسات التي تنظر إلى الأمام وإلى الخلف معاً. وللأسف، بعض الأرقام التي تتوقع نشاطاً مستقبلياً – مثل الطلبيات الخارجية الجديدة – كانت ضعيفة بشكل خاص. وأحد التفسيرات الممكنة لذلك هو أن الضرر جراء انتشار "كوفيد 19" ليس واضحاً بشكل كامل في البيانات.
وعلاوة على ذلك، يبدو أن الفيروس ينتشر. فعدد الأشخاص المصابين في الصين ارتفع إلى أكثر من 77 ألفاً، مع أكثر من 2500 وفاة. وأوروبا، التي كانت قد جنبت الفيروس إلى حد كبير، عرفت ارتفاعاً مطرداً في عدد الحالات: ففي إيطاليا، ارتفع العدد في ظرف بضعة أيام إلى أكثر من 130، ما اضطر حكومة هذا البلد لاتخاذ بعض التدابير الدراماتيكية مثل إلغاء مهرجان البندقية وتعليق المدارس وفضاءات عامة أخرى في عدد من المناطق الشمالية.
وحتى الآن، كانت المخاوف على الاقتصادين الأوروبي والعالمي نتيجة لما كان يحدث في الصين إلى حد كبير. ذلك أن هذا البلد يمثّل سوقاً تصديرية كبيرة بالنسبة للشركات الأوروبية، ومتجذر بشكل عميق في سلاسل إمدادها. غير أنه ستكون ثمة الآن عواقب خطيرة بالنسبة للطلب والعرض أيضاً، وذلك على اعتبار أن انتشار الفيروس في إيطاليا حدث بين لومباردي وإيميليا رومانيا وفينيتو -- أي القلب الصناعي للبلاد. وفي وقت يختار فيه الناس لزوم بيوتهم والتنقل بشكل أقل، فإن ذلك سيؤثّر على الخدمات المحلية بكل تأكيد.
*كاتب متخصص في الشؤون الاقتصادية الأوروبية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»