حين ولد جابو سايملين عام 1994، كانت والدته مازالت تمسح الأرضيات وتنظف المراحيض لدى البيض في جنوب أفريقيا. وكان والده مازال يصنع لبنات الطوب ليبني بها منازلهم. لكن جابو أصغر أبناء الأبوين سينشأ في عالم مختلف يكون في نيلسون مانديلا رئيساً وليس سجيناً والناس الذين يسيطرون على السلطة يشبهونه ويتحدثون باسمه، وينتهي فيه العزل العنصري (الابارتيد). فبينما كان الأبوان يهدهدان جابو لينام في كوخهما المتواضع في جوهانسبيرج، كانت هناك جنوب أفريقيا جديدة تسرع الخطى لتحل محل القديمة.
وفجأة، أصبح الابن يستطيع الذهاب إلى المدارس العامة الأنيقة نفسها التي يذهب إليها أبناء الأسرة التي يعمل لديها والدا جابو لأنهم يعيشون في أحياء الخدم العتيقة خلف منزل الأسرة التي يخدمونها. وهذا يعني أن جابو سيحصل على تعليم البيض على خلاف والديه. لكن بعد 25 عاماً لا يجد جابو مثل كثيرين من شبان جنوب أفريقيا سعادة في هذا الوصف كما أنه مستاء من أحوال البلاد التي نشأ فيها. ولذا لم يدل جابو، مثل غالبية شباب البلاد، بصوته في انتخابات قومية وإقليمية محورية عقدتها جنوب أفريقيا في الآونة الأخيرة. فهناك أكثر من نصف الأشخاص الذين يحق لهم التصويت في الفئة العمرية من 18 إلى 29 عاماً في جنوب أفريقيا أو نحو ستة ملايين شخص غير مسجلين. وثلث أفراد هذه الفئة يقولون إنهم لن يشاركوا في الانتخابات أبداً.
صحيح أن ضعف مشاركة الشباب في الانتخابات على مستوى العالم شائع. فعلى سبيل المثال، لم يشارك في الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2016 إلا أقل من نصف الأميركيين الذين من حقهم التصويت ممن تقل أعمارهم عن 30 عاماً. لكن عدم تصويت الشباب في جنوب أفريقيا ليس دائماً تعبيراً عن اللامبالاة السياسية بل أكثر تعقيداً. فهو قرار حاكته خبرات العيش في ظلال سياسة العزل العنصري ويمثل انتقاداً في الغالب للنظام السياسي الذي يعتقدون أنه فشل في تحقيق وعوده السامية لجيلهم.
وتشير بيرل بيلاي مديرة مركز «يوث لاب» البحثي إلى أنه «حين تنظر حولك في البلاد تبدو الأمور غالباً كما لو أن شيئاً لم يتغير للشباب السود (منذ انتهاء العزل العنصري) فيما عدا امتلاك حق التصويت. ما نقوله الآن أن هذا ليس كافياً». صحيح أن مستويات المعيشة في جنوب أفريقيا ارتفعت منذ نهاية الفصل العنصري وتقاربت الفجوات في البلاد الآن بين السود والبيض عما قبل. لكن دخل الجنوب أفريقي الأبيض يبلغ في المتوسط خمسة أمثال دخل الجنوب أفريقي الأسود. كما أن أكثر من نصف شباب جنوب أفريقيا ومعظمهم من السود عاطلون عن العمل.
*صحفية متخصصة في الشؤون الأفريقية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»