من داخل متنزّه يلوستون الوطني، يظهر في هذه الصورة قطيع من حيوان البيسون الأميركي وقد أحاط بسائق سيارة قرب وادي لامار، مما يعطي فكرة حول التحول البيئي الذي عرفه المتنزّه عبر إعادة إدخال الذئاب الذي يعد بمثابة دراسة حالة لكيفية تصحيح النظم البيئية غير المتوازنة.يقع متنزّه يلوستون الوطني، وهو حديقة ترفيهية تمتد على مساحة 9000 كيلومتر مربع، في شمال غرب الولايات المتحدة الأميركية، بين ثلاث ولايات هي وايومنغ ومونتانا وأيداهو. ويحتوي المتنزه على وديان وأنهار وجبال وغابات وينابيع مياه ساخنة.. كما أنه موطن لمئات الأنواع الحيوانية، بما في ذلك الثدييات والطيور والزواحف والبرمائيات.. والعديد من هذه الحيوانات تقوم بهجرتها داخل المتنزه. وتعتبر الثدييات الضخمة، مثل الدببة والذئاب والأيائل والظباء.. هي الأكثر انتشاراً في المتنزه.
واستندت فكرة المتنزه إلى إعادة التوازن إلى قلب الطبيعة، لذا فقد قام في عام 1995، ولأول مرة، باستضافة 14 ذئباً. ومنذ ذلك الحين، نشأت قصة، استناداً إلى الأبحاث المبكرة، مفادها أن الذئاب مع زيادة عددها قامت باصطياد قطعان الأيائل في الحديقة، مما أدى إلى انخفاض عددها بمقدار النصف تقريباً. ويُعتقد أن عودة الذئاب المفترسة المفترسة كان لها تأثير واسع النطاق يُعرف باسم «الشلال الغذائي»، وذلك من خلال تقليل الرعي واستعادة وتوسيع الغابات والأعشاب وبعض الحيوانات البرية.. مما يفترض أن يغير مجرى الأنهار مع عودة النباتات على ضفاف مجاريها.
وهكذا أصبح التحول الدراماتيكي الذي شهدته حديقة يلوستون، من خلال إعادة توطين الذئاب، بمثابة مثال عالمي لكيفية تصحيح النظم البيئية غير المتوازنة. لكن الأبحاث الجديدة خلال السنوات الأخيرة أعادت هذه القصة إلى الوراء، إذ ازدهرت أشجار الحور الرجراج والصفصاف مرة أخرى في بعض الأماكن، لكن عقوداً من الضرر الناجم عن رعي قطعان الأيائل ودوسها غيّرت المشهد بشكل كامل، حتى أن مناطق واسعة ظلت مشوهة وقد لا تتعافى مستقبلاً. وبعبارة أخرى، فإن قطعان الذئاب ليست رصاصة سحرية لاستعادة النظم البيئية.
ويقول بعض الباحثين إن ما يسمى السلسلة الغذائية وإعادة إحياء النظم البيئية على ضفاف النهر، كان من الممكن أن تكون أكثر قوة لولا قطيع البيسون في الحديقة. فقد وصل عدد رؤوس حيوان البيسون الأميركي في المتنزه إلى أعلى مستوياته، مسجلاً الصيف الماضي حوالي 5000 آلاف رأس، أي أكثر بكثير من عدد الأيائل، ولذا فمن المرجح أن يحافظ على نموه وأن لا يكون عرضةً للذئاب على غرار الأيائل، فهو في أكثر الحالات يعرف كيف يحمي نفسَه من الذئاب المفترسة، لكنه يرعى بشكل مفرط ويلحق الضرر بالنظم البيئية داخل الحديقة. (الصورة من خدمة «نيويورك تايمز»)