يُقال إن حملة دونالد ترامب تعاني من ضائقة مالية. فالتبرعات بمبالغ صغيرة تتأخر كثيراً مقارنة بوتيرتها في عام 2020. وتجمعات ترامب الانتخابية الكبيرة لا تسفر عن جمع تبرعات كبيرة. ويشعر بعض المتبرعين الذين يقدمون مبالغ ضخمة بالتردد، ويرجع ذلك جزئياً إلى قلقهم (وذلك لسبب وجيه) من أن أموالهم لن تستخدم في الحملة الانتخابية، بل لدفع فواتيره القانونية. لذلك فإنه يسعى إلى استمالة المليارديرات اليمينيين.
ليس لدي أي فكرة عن مدى النجاح الذي سيحرزه، ولكن يبدو من المحتمل جداً أن بعض المليارديرات على الأقل سيقدمون مبالغ كبيرة لرجل حاول إلغاء الانتخابات الأخيرة وكان صريحاً بشأن نواياه الاستبدادية - مستخدماً وزارة العدل لملاحقة خصومه السياسيين، واعتقال الملايين من المهاجرين غير الشرعيين ووضعهم في معسكرات الاعتقال وغير ذلك الكثير.
الأمر الذي يثير التساؤل: لماذا يدعم المليارديرات مثل هذا الشخص؟
ففي نهاية المطاف، لا يبدو الأمر كما لو أنهم كانوا يعانون في عهد الرئيس جو بايدن. كثيراً ما يُذكِّر الاقتصاديون، وأنا منهم، الناس بأن سوق الأوراق المالية ليس الاقتصاد. وأنه انخفاض معدلات البطالة وارتفاع الأجور الحقيقية وكلاهما، بالمناسبة، حققهما اقتصاد بايدن، حتى لو لم يصدقه كثير من الناس لهما أهمية أكبر بكثير في حياة معظم الناس.
لكن أسعار الأسهم ربما تكون مؤشراً أفضل بكثير لكيف يبلي الأثرياء، الذين يمتلكون الكثير من الأصول المالية. وعلى الرغم من أن ترامب توقع في عام 2020 انهيار الأسهم إذا فاز بايدن، إلا أن السوق، في الواقع، وصل إلى مستويات قياسية في ظل الإدارة الحالية.
لماذا إذن ندعم مرشحاً يعد بشكل أو بآخر بإطلاق العنان للفوضى الاجتماعية والسياسية؟
إحدى الإجابات المباشرة هي أنه من شبه المؤكد أن الأثرياء سيدفعون ضرائب أقل - وستكون الشركات أقل تنظيماً - إذا فاز ترامب مقارنة بالوضع لو بقي بايدن في منصبه.

إذا كنت تعتقد، مثل بعض اليساريين، أن «الجمهوريين» و«الديمقراطيين» هم في الأساس نفس الشيء - وأن كلاهما يخدم مصالح الشركات والنخبة - فأنت مخطئ. فالحزب «الديمقراطي» الحديث، على الرغم مما يقوله «الجمهوريون» البارزون، ليس ماركسياً أو اشتراكياً. ومع ذلك، فإن لديها سجلاً حافلاً في زيادة الضرائب على الأثرياء لدفع تكاليف البرامج الاجتماعية. والجدير بالذكر أن قانون الرعاية الميسرة استخدم ضرائب جديدة تم فرضها على الأفراد ذوي الدخل المرتفع لدفع تكاليف دعم الرعاية الصحية.
وقد ساعدت هذه الضرائب الجديدة في إحداث قفزة في معدل الضريبة الفيدرالية الفعلي على 0.01% من أصحاب الدخل الأعلى من السكان: لقد قام الرئيس باراك أوباما بإعادة توزيع الدخل بشكل أكبر بكثير مما يتصور العديد من الناس. وعلى النقيض من ذلك، أقر ترامب تخفيضاً ضريبياً كبيراً لصالح الأثرياء وعكس إلى حد كبير ارتفاع معدل الضريبة الفعلي في عهد أوباما. (فلماذا لا يزال الناس يشيرون إلى ترامب باعتباره شعبوياً؟).
يقترح بايدن الآن زيادات ضريبية كبيرة على الشركات والأثرياء. ولن يضطر حتى إلى تمرير تشريع للإشراف على الزيادات الضريبية: فمعظم الأحكام الواردة في تخفيضات ترامب الضريبية ستنتهي في نهاية العام المقبل ما لم يجددها الكونجرس. ولكنني أقول، إن احتمال خفض الضرائب لا ينبغي أن يكون كافياً لحمل أصحاب المليارات على دعم ترامب.
ففي نهاية المطاف، ما مدى أهمية الأموال الإضافية بالنسبة للأشخاص الذين تتسم أنماط حياتهم بالبذخ بالفعل؟ إحساسي بالنظر من الخارج هو أنه بين الأثرياء، فإن كسب المزيد من المال لا يتعلق بما يمكنهم تحمل تكاليفه بقدر ما يتعلق بالهيبة - فهم يكسبون أكثر من الآخرين في مجموعة أقرانهم. والأمر المتعلق بالضرائب المرتفعة هو: لأنها ستنطبق على الجميع، فإنها لن تغير مجرى السباق: فالمنافسون المحتملون لك سيتلقون نفس الضربة التي ستتلقاها.
ومن شأن عودة ترامب إلى السلطة أن تجعل أميركا مكاناً أكثر رعباً، وهو ما ينبغي أن يكون أكثر أهمية حتى بالنسبة لأصحاب المليارات من مجرد نقاط مئوية قليلة من معدل الضريبة المستحق عليهم.
لكن هل يفهمون ذلك؟
في العام الماضي، عندما كتبت عن افتتان المبرمجين الوجيز بروبرت كينيدي جونيور، لاحظت أن الأثرياء غالباً ما يكونون أقل اطلاعاً على ما يحدث في العالم من العديد من المواطنين العاديين، لأنهم يعيشون في فقاعة اجتماعية. إن الخطر الذي يشكله ترامب على الديمقراطية الأميركية واضح أو ينبغي أن يكون واضحاً. ومع ذلك، قد يكون الأمر أقل وضوحاً بالنسبة للأشخاص الذين يعتقدون، بسبب ثرواتهم، أنهم يعرفون أفضل ويمكنهم إحاطة أنفسهم بمقربين يؤكدون لهم أنهم يعرفون أفضل.
ولنتأمل هنا حالة إيلون ماسك. هل أحتاج أن أقول المزيد؟
وأظن أيضاً أنه حتى المليارديرات الذين يدركون ميول ترامب التسلطية ربما يتصورون، إذا فكروا في الأمر على الإطلاق، أن ثرواتهم ستحميهم من الممارسات التعسفية للسلطة. مثل هذا التفكير في السيناريو الأسوأ لا يمكن تطبيقه في أميركا، ضع في اعتبارك أن مثيري الذعر من ترامب كانوا في الغالب على حق وأن المدافعين كانوا مخطئين في الغالب، أنا كبير بما يكفي لأتذكر عندما كتب القائم بأعمال كبير موظفي ترامب السابق: «إذا خسر، فسيتنازل ترامب بلطف».
فهل سيحصل ترامب على الدعم من المليارديرات؟ من المحتمل. وإذا فاز، فهل سيندمون في النهاية على اختيارهم؟ أعتقد أنهم سيفعلون ذلك، ولكن بعد فوات الأوان.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»