إذا كنتَ تصدق مساعدي الرئيس جو بايدن وحلفائه، فهو ينوي خوض انتخابات عام 2024 في المقام الأول على أساس التهديد الذي يشكله دونالد ترامب على الديمقراطية الأميركية. ومن وجهة نظرهم، فقد نجح هذا في عام 2020، عندما وعد بايدن بحماية «روح الأمة» من «نهب ترامب»، ومرة أخرى في الانتخابات النصفية لعام 2022 عندما جعل من «تهديد الديمقراطية» حجته الختامية، وبفضل ذلك تفوق أداء «الديمقراطيين». لذا لا يوجد سبب لعدم نجاح هذه الحجة مرة أخرى.
ومؤخراً، قال مايك دونيلون، مستشار بايدن منذ فترة طويلة، لمراسل صحيفة «نيويوركر»، إيفان أوسنوس، إنه بحلول نوفمبر «سيصبح التركيز طاغياً على الديمقراطية.. أعتقد أن أكبر الصور في أذهان الناس ستكون لأحداث السادس من يناير».
لم أكن متأكداً من مدى الجدية التي يجب أن نأخذ بها هذا النوع من الحديث. ويبدو أن حجة بايدن بشأن المعايير الديمقراطية قد أتت بثمارها في بعض السباقات الرئيسية في عام 2022، لكنني أقل اقتناعاً بأنها أحدثت فرقاً في عام 2020، على الأقل مقارنةً بوعد بايدن بأن يكون ثابتاً إلى جانب سمعته في الاعتدال الأيديولوجي. وفي كلتا الحالتين، لا يزال عام 2024 سياقاً مختلفاً، حيث يبدو أن بايدن يعاني أكثر من غيره مع الناخبين الساخطين من الطبقة العاملة، وهي دائرة انتخابية يمكنك أن تتوقع أن تستجيب بقوة أكبر للنداءات المادية مقارنةً بالحجج السامية حول روح الأمة.
وبقدر ما يعرف البيت الأبيض ذلك، ربما ينبغي لنا أن نأخذ اقتباسات مثل مقولة دونيلون بحذر. ربما يكون قد تم إرساله للتو لإدارة قاعدة بايدن الليبرالية، للتبشير بمناهضة ترامب لقراء إحدى المنشورات الليبرالية، بينما يعمل شخص آخر على المناشدات الاقتصادية الأكثر تقليدية، والتي تروق بشكل أكبر للناخبين المتأرجحين.
لكن الأسبوع الماضي قدّم لنا مثالاً جيداً لما قد يبدو عليه الأمر إذا كان البيت الأبيض مؤمناً تماماً بحجة دونيلون، واعتبر استحضاره لتاريخ السادس من يناير بمثابة بديل قوي للأشكال المعتادة من التواصل والاعتدال.
أولا، كان لديك الحماس الذي تشبثت به حملة الرئيس حول تعليقات ترامب، في تجمع حاشد في أوهايو، حول «حمام الدم» الذي من المفترض أن يتبع إعادة انتخاب بايدن. وفي هذا السياق، يشير مصطلح «حمام الدم» إلى الانهيار المتوقع لصناعة السيارات الأميركية إذا حصل بايدن على فترة ولاية أخرى، ويمكن القول إنه توقع شكلاً من أشكال الفوضى العامة أو الكارثة. لكن تم تفسيره على الفور من قبل بايدن (أو كاتبه الوهمي على وسائل التواصل الاجتماعي) كدليل على أن ترامب يريد «6 يناير آخر».
بعد ذلك، عندما بدأ النقاش الكبير حول «حمام الدم» في التلاشي، أعلنت وكالة حماية البيئة التابعة لإدارة بايدن عن قواعد جديدة شاملة للانبعاثات تهدف إلى تسريع اعتماد السيارات الكهربائية، مما يرفع مبيعاتها من حوالي 8% من السوق الأميركية حالياً إلى 56% في عام 2032.
لقد كانت هذه القواعد قيد الإعداد لبعض الوقت، ومن وجهة نظر نشطاء المناخ وسياسات الحزب الديمقراطي الداخلية، يمثل جوهرها تسويةً سياسيةً، حيث يتم تأجيل التحول الأكبر لبضع سنوات، بينما تمضي السيارات الهجينة، وكذلك السيارات الكهربائية بالكامل نحو الهدف.
لكن من وجهة نظر التواصل مع الناخبين المتأرجحين في عام الانتخابات الرئاسية، فإن القواعد الجديدة تبدو وكأنها رهان متهور إلى حد كبير. إن السعي بشكل صريح إلى الاختفاء السريع لأنواع السيارات التي تستخدمها الغالبية العظمى من الأميركيين سيكون محفوفاً بالمخاطر السياسية تحت أي ظرف من الظروف. ويصبح الأمر أكثر خطورة في الانتخابات التي تمتلك فيها ولايات، مثل ميتشيجان مفتاح فوز المجمع الانتخابي.
إنه أمر محفوف بالمخاطر بشكل خاص في الوقت الذي أدت فيه أسعار الفائدة المرتفعة إلى جعل قروض السيارات أعلى تكلفة بالنسبة للمستهلك الأميركي الذي يقول له رئيس حالي: إذا كنت تحب سيارتك، فلا أريدك أن تحتفظ بها.
خلاصة القول: أولاً، أدلى ترامب ببيان مروع حول آثار سياسات بايدن على صناعة السيارات. ثم بالغ فريق بايدن في تضخيم هذا التصريح باعتباره دليلاً على عدم لياقة ترامب. ثم طرحت إدارة بايدن خطة لتحويل صناعة السيارات بشكل جذري، والتي حتى لو مضت على النحو المنشود، كما أفاد أحد زملائي في غرفة الأخبار، «ستتطلب تغييرات هائلة في التصنيع والبنية التحتية والتكنولوجيا والعمالة والتجارة العالمية وعادات المستهلك». وبعبارة أخرى، فقد رفع معسكر بايدن من حدة خطاب ترامب ضد سياسات صناعة السيارات، ثم وضع الهدف السياسي الأكثر قوة لجولته التالية من الهجمات.
ربما يكون هذا مجرد مثال على عمل الذراع السياسي للإدارة ومستودع السياسات الخاص بها دون أي تنسيق ذكي. لكنها دراسة حالة جيدة لمدى السوء الذي يمكن أن تكون عليه نظرية «6 يناير يتفوق على كل شيء» لعام 2024، من خلال تشجيع اللامبالاة القاتلة بشأن المخاوف المادية للأميركيين من الطبقة العاملة على أساس النظرية القائلة بأن أي محاولة من جانب ترامب لاستغلال تلك المخاوف يمكن نزع فتيلها بشكل استباقي من خلال تصوير الرئيس السابق على أنه «فاشي»!
إن الطريق إلى فوز بايدن ينطوي على إقامة الحجة ضد ترامب على أسس مناهضة للاستبداد وأسباب مادية في الوقت نفسه، لكن تخيل البطاقة المناهضة للاستبداد كما لو أنها قوية بما يكفي للسماح لك بالإفلات من النشاط الليبرالي الذي لا يحظى بشعبية في قضايا أخرى، يبدو وكأنه الطريق الأكثر ترجيحاً لهزيمة بايدن.


ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»